مخطط تصفيه الثوره ,,

[silverlite]

[silverlite]

[kimo10]

اللهم ولى علينا من يخافك ويخشاك

[silverlite]

[silverlite]

انتخابات الواقعية المنحطة


وائل عبد الفتاح


فكَّرت أن أذكِّرك بأن ذهابك اليوم فى الانتخابات لم يأتِ إلا بعد أن قُتل وأُصيب آلاف لم يضعوا شجاعتهم فى الدرج.
فكرت أيضا أنه قبل ١٨ شهرا لم يكن أحد فى مصر يفكر فى انتخابات الرئاسة، وأن الجميع بمن فيهم الأشاوس من الإخوان وغيرهم كانوا يبحثون عن صفقة يفاضلون فيها بين الأب والابن من عائلة مبارك.. كانت هذه هى الواقعية السياسية قبل ٢٥ يناير التى صنعت واقعية جديدة.
واقعية أقل منها.
واقعية منحطة أحيانا بسبب كل هؤلاء الباحثين عن مكان فى قلعة السلطة.. مكان سيظل صغيرا لأنهم وصلوه صغارا.. نعم وصلوه بتآمر على الروح الجديدة من أجل مصلحة قصيرة الأجل.
السياسة لعب على المصالح، لكن هناك فرقا بين أن تلعب بقانون الطفيليات أو أن تلعب كالطائر أمامه أُفق مفتوح، وهذا ما أراده الشهداء والشجعان الذين تقدموا الصفوف الأولى، والذين كانوا يلقون بهواتفهم المحمولة ليلة موقعة الجمل لكى لا يستمعوا إلى توسلات العودة من الميدان.
لم ينسحب الثوار بينما كان أغلب أصحاب الأصوات العالية الآن يحجزون أدوارهم أمام الكاميرات ليرسلوا تحية إلى مبارك على خطابه العاطفى.. أو ينتظرون من عمر سليمان تليفونا ليعدهم بمكان تحت عين النظام.
لم يكن هؤلاء أو معظمهم خونة للثورة.
لكنهم كانوا محدودى الأفق.. نظرتهم أضيق من الاتساع الذى حققته شجاعة الثوار، وأرواحهم مرهقة لا تعرف التفكير إلا فى توسيع شروط العبودية لا التحرر نهائيا.
لا أخجل الآن وأنا أقول إنك تذهب إلى صندوق الانتخابات بواقعية مثل واقعيتهم، كأنك حاربت لتنال الفُتَات، كأنك دافعت عن بيتك لتسكن حجرة فى «بير السلم».
هذا ما يجعلنى أتأكد أن محاولتى لتذْكِرتك لن تعنى شيئا بعدما تحولت الانتخابات إلى حرب أهلية باردة، لن يخرج منها سالما من يفوز بالرئاسة، ولا جمهوره، ولا الشعب المنتظر أن تنتهى مسرحية الثورة ليعود إلى النوم.
الاستقرار لن يعود بوصول شخص جديد إلى قصر الرئاسة، ولا صوتك فى الصندوق سيخرج منه المارد الذى يضغط لك على زر الاستقرار.
لم يعد الاستقرار إلى بلد دفع ثمن عبوره إلى المستقبل، وحاصروه فى الكمين لكى لا يصل.
لم يعد الاستقرار فى بلد يطارد روح الثورة التى أخرجها من تحت أطلال ما كان يسمى دولة، ولم يكن فى الحقيقة سوى حفرة أو «خرابة» تعايش معها الناس فأصبحت عش الاستقرار اللذيذ.
هل تنتخب اليوم مرشحا ليرجع لك الأمن فى يوم؟
أم ستذهب إرادتك إلى مرشح يوزع الرشاوى اليوم لكى لا يمنعها غدا؟
هل سيذهب صوتك إلى من سيحكم بشرع الله؟
ماذا يعنى كل هذا وقد نجح الإغواء قبل الأخير للخرابة؟
عادوا إلى الخرابة لأنهم لم يتحملوا بناء دولة نشعر فيها جميعا بإنسانيتنا، نغادر فيها زمن العبودية.
لم يتحمل عشاق الواقعية تغيير برنامجهم اليومى وروتين حياتهم من أجل أن نرى ما دفع الشهداء والمصابون فاتورته.
المعركة لم تنته.
بدأت حين كسرنا أقفاص العبودية.. لكنها ما زالت مستمرة بعد أن أُعيد طلاء الأقفاص، وتجددت آليات الترويض، ورُفعت شعارات الواقعية للقبول بما يُلقَى من شرفات الدولة العميقة.
الدولة العميقة التى أذكِّرك بأنها ليست عميقة إلا فى دفاعها عن مجموعات مصالح خفية، أى أنها كما قلت من قبل، مافيا، تبدو الآن فى مرحلة طيبتها، اشترت صناديق جديدة، وأقامت السرادقات من أجل عُرس جديد وتنتظر الرئيس لتبدأ معه مرحلة أخرى من الترويض.
رئيس دون دستور، تتحدد صلاحياته من المجلس العسكرى، أى من الواجهة العلنية للدولة العميقة التى تخطط لعودة الشعب إلى الأقفاص.
هذه الدولة العميقة عادت إلى دورها، طاردة الأشباح التى تخيف الشعب قبل النوم، هذه الدولة تعامل الفلول وورثة مبارك بتأفُّف، وتعد بأنها ستتصرف مع عفاريت الدولة الدينية رغم أنها تريد أن تضم كل الأشباح تحت جناحها. الدولة العميقة لا تحمى الدولة المدنية لأنه لم تكن هناك دولة مدنية، كانت دولة استبداد تستخدم كل ما يمكنها أن تستخدمه لتنجح فى استبدادها، وطنية؟ ممكن، دين؟ لا يضر، حداثة؟ يا جماله.
دولة الاستبداد أسَّسها من لا يعرفون فى السياسة أو القادمون من عالم لا سياسى وظلت عقيدتهم منع السياسة، وتمويتها إلى أن انفجرت ٢٥ يناير بكل هذا التسييس الذى تحاول كمائن الدولة العميقة مطاردته.
اذهب إلى الصندوق إذن، لكن اهرب من الكمين، وقبل أن تضع صوتك فى الصندوق انظر إلى السماء أو حرِّر نفسك من الأوهام لتشعر بروح الشهيد تدفعك إلى الأمام.