مخطط تصفيه الثوره ,,

[silverlite]

تانى.. اثبت مكانك !


نوارة نجم


ذكرت اكتئاب ما بعد المذبحة، وذكرت أن هذه المرة كان شديدًا. كل مذبحة بها قصص بطولات، فقدان معرفة أو صديق، إصابات فى أعين عزيزة، اعتقالات لوجوه ضاحكة وهى فى الأسر، خذلان أطراف لم تتوقع خذلانها، كورال حزب الشلت الذى دائما ما يكون فى الخلفية: ارجعوووووا… روحوووووا، ولا تفهم البتة ما الاستفادة التى تعود عليهم من التثبيط؟ ثم الحلقة الأكثر إرهاقًا وهى شروح ما بعد المذبحة التى نهدف فيها إلى إيضاح أن المقتول ليس هو الجانى. ربما اختلفت مذبحة العباسية لأنها كانت الأبشع من نوعها، فنحن حتى الآن لم نستدل على جثامين جل الشهداء، عدد الاعتقالات يفوق الوصف، ممارسات القتل وتعذيب المعتقلين الأكثر وحشية، حزب الشلت الأعلى صوتًا لم ينقطع كوراله حتى هذه اللحظة يردد: مش قلنا لكم ارجعووووووا… روحووووووا… لكن القاسمة كانت فى الطرف الخاذل هذه المرة: بعض من الثوار، ونفر ممن ظننت أن المبدأ يحركهم. تصدقوا وتآمنوا بالله، استحل بعض الثوار الدماء التى سالت لأن منها دماء سلفية، ودماء حسبوها تساند السلفية؟ آه وربنا.. أهى دى جامدة دى يا معلم، دى هدّت حيلى أنا.
تعودت على وجوه منكسة تستمع لشرح الفظائع، لكن هذه المرة كان من بين الوجوه، أناس كانوا رفقاء غاز وحجارة ومشرحة، عجز لسانى عن الشرح، أفهّمك إيه وانت ياما شلت جتت؟ أفهمك إيه وأنت ياما قلت وجعّرت وصوّت على الانحطاط الأخلاقى لجماعات دينية تتساءل عن فتاة مجلس الوزراء: إيه اللى نزّلها؟ فإذا بك تقول: آدى آخرة المشى ورا السلفيين! يا رااااجل.. تصدق دى شبه إيه اللى نزلها بالظبط. ماذا أقول لك وأنت الذى كنت تسخر من الإخوان المسلمين لأنهم اتهموا أبطال محمد محمود بأنهم مؤامرة «علمانية» لتأجيل الانتخابات البرلمانية وأنت تكرر منطقهم وتقول إن أبطال العباسية هم مؤامرة «سلفية» لتأجيل الانتخابات الرئاسية؟ طب أنا ولا حتى عارفة أقول لك إخص.
ارتبط التظاهر فى أذهان الشباب ارتباطًا شرطيًّا بالموت، حتى إننى حين اقترحت تضامنا مع شاب كويتى كان قد عُذّب فى مصر ونوقشت قضيته فى مجلس الأمة بالكويت، قال نفر من الشباب: طب نشوف طريقة تانية نجيب بيها حقه غير إن احنا نموت! حد جاب سيرة الموت يا ولاد؟ هل أصبح رصاص الجيش المصرى المصوّب نحو المواطنين قضاء الله وقدره، حتى يلقى باللوم على من ينزل الشارع؟ «كل ما تنزلوا تموتوا… يبقى ما تنزلوش!» يا سلاااام. ولماذا لم يفكر أحد فى صياغة أخرى: اللى بيموتكو لازم يبطل يموّت لما تنزلوا تانى؟
ثم كتب الدكتور علاء الأسوانى مقالًا فى «المصرى اليوم» بعنوان «كيف تصنع مذبحة ناجحة؟»، وكأنه كتب هذا المقال ليصفعنى على وجهى، قائلا: فوقى يا بت. أخجلنى الدكتور علاء الأسوانى من وَلْوَلَتى السالف سردها، حين قال فى مقاله إن الهدف من التخطيط للمذابح هو «كسر الإرادة»، وقال إن أشجع الشباب سيتحول إلى قط أليف حين تهان كرامته ويحمل جثث أصدقائه، وقال إن المذابح يتم تخطيطها عبر تقسيم الشعب إلى مجموعات وحصار كل مجموعة بحملات تشويهية تؤهل الرأى العام لتقبل قتل تلك المجموعة، ثم الانتقال إلى مجموعة أخرى كانت ضمن الرأى العام الذى شهد على المجموعة السابقة باستحقاق القتل، وهكذا دواليك، حتى يتم كسر إرادة الشعب بالكامل، وخلق مرارات متبادلة بين الناس، فكل مجموعة تشعر أن بقية المجاميع تشفت فيها وخذلتها وتخلت عنها، وسنتحول جميعا مع الوقت إلى فئران مذعورة.
الدكتور علاء طس وشى بشوية مية ساقعةةةةة. أنا لن أتحول إلى فأر، ولن أشهد على إنسان باستحقاق القتل، ولن أصبح قطًا أليفًا لأننى دفنت طابورا طويلا من الأصدقاء والمعارف وما زلت أنتظر دورى، ولن تهان كرامتى بتنكيل من ضابط أو عسكرى تدرب على الحقارة على يد الجيش الأمريكى، ولن آبه للتشويه فهو فى ميزان حسناتى، وقد صبرت حتى جاء اليوم الذى أقف فيه كتفًا بكتف مع من سبّنى: «يا شيعية يا بنت الحشاش يا… يا…»، ومنهم من ابتسم لى قائلا: أنا شتمتك وخضت فى عرضك.. سامحينى.. أنا داخل ويمكن ما ارجعش تانى! ومنهم من لم يعد مرة أخرى.. وأشهد الله على أننى أسامحهم من سويداء قلبى.. أسامحهم جمعاء.
أنا لن أبكى على من توقعت مساندته فإذا به يخذلنى. وسأكمل مع رفقائى، ولن أغتّر بـ«عرس الديمقراطية» المزيّف، ولن أصمت حتى تصبح مصر عروس الدنيا أو ألقى ربى على ما أنا عليه.
يا دكتور علاء.. أقبل جبينك وأطمئنك: لن تنكسر إرادتى.
اثبت مكانك.

[silverlite]

البحث عن دجاجة دستورية




وائل قنديل

أنا وأنت وهو وهى.. كلنا عشنا ١٦ شهرا تقريبا نلف وندور ونصعد وننزل فى سوبر ماركت كبير نبحث عن دجاجة، وفى نهاية المطاف قال لنا صاحب المحل إنهم لا يبيعون الفراخ لكن ما رأيكم فى النظام؟

أن يقال لنا الآن وقبل ساعات من بدء الاقتراع على الرئيس إنه لا يوجد تصور لصلاحياته، وهذا الأمر سيتحدد أرشيفيا بالعودة إلى دستور ٧١، فهذا يشبه تماما رحلة البحث عن دجاجة على طريقة النكتة الشهيرة عن هذا المواطن الغلبان الذى دخل متجرا كبيرا يشترى دجاجة فأشار عليه أول عامل يستقبله بالصعود إلى الطابق الأعلى، وفى كل طابق يقابله عامل آخر يقول له اطلع فوق، وبعد رحلة بحث عصيبة يعود إلى الطابق الأرضى ليقابل أول عامل طلب منه الصعود، وعلى وجه الأخير ابتسامة عريضة يبلغه أن هذا المكان لا يعمل فى تجارة الفراخ ثم يستدرك «لكن ايه رأى حضرتك فى النظام عندنا».

فى البداية، قالوا لنا: تعديلات على ست مواد من دستور ٧١ تفضلوا للاستفتاء عليها لكى تدور العجلة وتستقر البلاد، ثم فاجأونا بأكثر من ستين مادة لم يسمع عنها أحد أو يستفت عليها، وأبلغونا أن دستور ٧١ قد سقط وجاء مكانه الإعلان الدستورى.. وأغرونا بأنهم أسقطوا دستور ٧١ بزعم القطيعة مع النظام والعصر اللذين أسقطتهما الثورة، وبعد ١٦ شهرا من العك والإرباك والفك والتركيب واللف والدوران والمراوغة ها هم الآن يفتحون المقبرة وينبشون عن دستور ٧١ لكى يستخرجوا منه صلاحيات الرئيس القادم.

إنها قمة الإهانة للناخب والمنتخب ولمنصب الرئيس ذاته أن يتم تحديد اختصاصاته وصلاحياته قبل ساعات من انتخابه، بما يمكن أن نتصور معه وضعية ومكانة رئيس مصر القادم الذى يأتى بمنطق «رئيس والسلام».

لقد أفتى المفتون وتفيهق المتفيهقون طوال الشهور الماضية فى إثبات سقوط دستور ٧١ بمجرد صدور الإعلان الدستورى «العسكرى» لنفاجأ بتحولات وتقلبات وتمحكات فى الدستور الذى مات، ثم بقدرة قادر نهض من تحت الثرى وفتح باب مقبرته ورأيناه يتحرك أمام الجميع، فى زمن بلا معجزات أو خوارق.

وإذا كان هناك من متهم بالضلوع فى حفلة الزار التى أدخلوا فيها المصريين عنوة على مدى ١٦ شهرا فهم هؤلاء الفقهاء والمفتون الذين ارتضوا أن يلعبوا دور عمال السوبر ماركت المذكور فى النكتة أعلاه، والذين اكتفوا بتوجيه الجمهور للصعود والهبوط فى رحلة البحث عن الدجاجة الدستورية، بينما هم يعلمون أن صاحب المتجر ومالكه لا يبيع دجاجا دستوريا، بل يختبر قدرة الزبائن على الصعود والنزول وكأنه يطمئن على لياقتهم البدنية والذهنية.

وبعد كل هذا الشقاء لا نملك إلا أن نحيى صاحب المحل على روحه المرحة.

[silverlite]

[silverlite]

رحم الله من صمتوا للأبد ليكون لنا صوت ...
لــــــن ننســــــــــاكم ..
المـــجـ للشــــــهداء ـــــــد

[kj1]