حريم أوباما

[د0تامر محمد]

حريم أوباما
*********
للرئيس الأميركي الجديد 21 امرأة. كيف 21؟ "الشرع يقول أربع". لا نقصد زوجات. فهو ليس مثل "مسواتي الثالث"، ملك سوازيلاند الأفريقية، الذي يهوى جمع الطوابع والصور والسيارات و...العرائس اليافعات (له منهن زهاء... 21). إنما نعني الوزيرات والمستشارات اللائي أشركهن أوباما في فريقه.

لم يشكل انتخاب باراك أوباما لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، في خريف 2008، تحولاً «لونياً» في البيت الأبيض وحسب، إنما أيضاً «طفرة جنسية»، بمعنى إشراك الجنس اللطيف، للمرة الأولى بشكل واسع في إدارة شؤون «الإمبراطورية». ففي تاريخ أميركا السياسي، لم يسبق أن بلغ عدد المسؤولات مثل عددهن اليوم. إذ يضم فريق أوباما وتشكيلته الوزارية، مجتمعَين، 21 امرأة (مقابل 24 رجلاً)، من بينهن هيلاري كلينتون، غريمته بالأمس، التي تسنمت حقيبة وزارية حساسة: الخارجية، إضافة إلى أربع وزيرات أخريات.

هل يجوز الظن أنه اعتراف بالجميل؟ فالإحصاءات تشير إلى أن عدد الأميركيات اللائي صوتن لباراك أوباما فاق بـ8 ملايين عدد الأميركيين ممن صوتوا للمرشح «الملون». وكان انتخابه، في حد ذاته، أشبه بـ«معجزة»، شك البعض في احتمال تحققها حتى عشية الاقتراع. في أميركا، شاع مؤخراً لعب على الكلمات في هذا الشأن. فماضياً، اعتاد الأميركيون القول إنهم سينتخبون رئيساً ملوناً «عندما تطير الخنازيرWhen the pigs fly» (ما يوازي «عندما يبيض الديك»، أو «عندما يصعد الحمار على السطح»، أو أي تعبير آخر عن استحالة حصول حدث ما). وبعد مئة يوم من انتخاب أوباما، ظهرت «إنفلونزا الخنزيرThe pigs flu «وهو طباق لفظي مع جملة «The pigs flew»، أي «طارت الخنازير».. وكأنه توكيد لتلك «النبوءة». بقي أن نعرف إن طارت عالياً أم واطئاً. وللعلم، تسمى إنفلونزا الخنازير رسمياً «Swine flu».

«رايس» أخرى

في أي حال، «باض الديك» وانتخب أول زعيم أسود للبيت الأبيض. ويعود الفضل، ولو جزئياً، لأصوات الناخبات. ومهما كانت دوافع أوباما، سواء أكان العرفان بالجميل أم توخياً «للمحاصصة» الجنسية، نجد أنه استعان أكثر من غيره بخبرة النساء في طاقمه. فعدا عن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية (ثالث أميركية تتسنم هذا المنصب بعد مادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس)، هناك أُخريات، أقل شهرة، لكن مسؤولياتهن مهمة وحساسة أيضاً.

من بينهن، نشير إلى «رايس» أُخرى: سوزان رايس، ممثلة بلادها في الأمم المتحدة. وهذه مهمة حقاً مهمة. فتمثيل «العم سام» في المنظمة الدولية، التي يحرص على إطباق هيمنته عليها، أمر حساس وله تبعات خطيرة على صعيد السياسة الدولية. ومن شأن ممثلي أميركا في المنظمة لعب دور أكبر، لاحقاً، في شؤون بلادهم.. وشؤون الآخرين طبعاً (مثلما حصل مع مادلين أولبرايت، التي تولت الخارجية إثر تمثيل بلادها في الأمم المتحدة، أثناء رئاسة بيل كلينتون). لذا، يمكن التكهن بمستقبل سياسي زاهر لسوزان رايس هذه (44 عاماً حالياً). وهي اختصاصية في الشؤون الأفريقية، وعملت مستشارة لأوباما أثناء حملته الانتخابية. لكن، «الله يستر»: فهي من الدعاة المتحمسين إلى التدخل في دارفور السودانية، وما قد يعنيه ذلك من حرب جديدة، ودمار آخر، وأهوال جديدة، وتجاوزات وجرائم حرب جديدة.

ابنة العامل أصبحت وزيرة العمل

وهناك أيضاً جانيت ناپوليتانو (51 عاماً)، وزيرة الأمن الداخلي. وهذه حقيبة جديدة نسبياً (بما أنها استنبطت عقب أحداث 11/9/2001)، لكنها حساسة في ظروف الهوس الأميركي بـ«نظرية المؤامرة»، ووجود «شبكات إرهابية» تسعى إلى «تدمير» الولايات المتحدة. وعرفت ناپوليتانو هذه بإجادة استخدام «القبضة الحديدية» من خلال منصبها السابق كحاكمة لولاية أريزونا. فبحكم جوار الأخيرة من المكسيك، تواجه محاولات اختراق يومية عديدة من جانب المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين. والحدود هناك كانت تشبَّه بـ«إسفنجة»، لكثر ما «تنضح» به من عمليات عبور سرية. لكن الطريقة الحازمة التي «عالجت» بها ناپوليتانو هذه المشكلة أدت إلى تقليل التسرب بشكل ملحوظ. هكذا، حظيت حاكمة أريزونا بسمعة «عالية» في ميدان الفاعلية والحصول على نتائج ملموسة. وهذا ما يفسر اختيارها لمنصب أمني بجدارة.

وعلى ذكر المهاجرين الآتين من «الجنوب»، المستقرين بشكل خاص في الولايات المتاخمة للمكسيك، لا يندر أن يتألق بعضهم، فيصل إلى مناصب عليَا. منهم هيلدا سوليس (51 عاماً)، ممثلة ولاية كاليفورنيا في الكونغرس. إذ أتحفها أوباما بحقيبة أخرى من «الجلد الفاخر»: وزارة العمل. وهو منصب يتخذ أهمية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة وتزايد البطالة. إلا أن «الهدية» يمكن أن تكون «ملغومة»، و«الجلد الفاخر» قد يهترئ بسبب عمق الأزمة. في أي حال، يجوز الظن أن سوليس، ربما، مهيأة لتلك المهمة أفضل من غيرها، لكونها سليلة أسرة عمالية متواضعة، ولأنها قريبة من أوساط النقابات والتجمعات العمالية والمهنية أكثر من صالونات أرباب العمل وأصحاب الشركات «المتخمين».

وعلى ذكر الأزمة الاقتصادية، يُعول زعيم البيت الأبيض على سيدة ضليعة في تاريخ أزمة 1929، الأوخم عاقبة في تاريخ أميركا. فالأستاذة الاقتصادية كريستينا رومر (50 عاماً) تعمقت في دراسة حيثيات تلك الأزمة الرهيبة، وتدريسها، حتى في «أتفه» أوجهها. لذا، عينها أوباما كمستشارة اقتصادية، وكلفها بمهمة «أشوَك» من شائكة: إنعاش الاقتصاد الأميركي. ولا يمكن لأحد التكهن في شأن قدرة رومر، أم عجزها، في إيجاد «حل معجزة». فالدراية المستفيضة في أزمة حصلت قبل 80 عاماً تُعين قطعاً على فهم أزمة راهنة، لكنها لا تعني بالضرورة التغلب على الأخيرة.

اعداد:محمد عبود
منقول

[هيامى]

اوباما خليفة شهر يار
وعنده كاريزما