عرض مشاركة واحدة
  #588  
قديم 23-02-2012, 11:59 AM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,002
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

مبارك العاطفى !

وائل عبد الفتاح






لا أعرف من أين عثر مبارك على ذاكرة تُستدعى فيها الأبيات التى قالها فى المحكمة.
لم يُعرف عن مبارك ذاكرة تستدعى الشعر ولا حكمة خارج كتالوج الموظف «الحويط».. وبالتأكيد لا يعرف مبارك أو من كتب له البيت فى مذكرة للمحكمة أن قائل البيت هو أحد أحفاد على بن أبى طالب، وقالها فى مناسبة لا أعتقد أنها تشغل بال النائم على سريره خلف القضبان فى المحكمة.
مبارك لم يعد لديه إلا استدرار عاطفة المغدور، بعد أن فشلت كل العواطف الأخرى فى استمالة الجموع إلى النهاية.
اللعب على العواطف كاد ينجح فى الخطاب الشهير الذى كان لحظة الصفر لـ«موقعة الجمل».. لكن العقل استيقظ عندما رأى ميليشيات الجِمال تغزو ميدان التحرير فى واقعة كاشفة عن البربرية فى مواجهة الثورة.
الثورة ألغت المسافة بين العقل والعاطفة.
كلاهما اكتشف أننا أمام ديكتاتور مومياء تحارب الأحياء، وهذا الإلغاء للمسافة بين العقل والعاطفة هو ما دفع الثورة إلى اكتمال موجتها الأولى.
لم تعد هناك مسافة بين التفكير العاقل الواعى الذى يرى الديكتاتور فكرة خارج الزمن ودولته تسير بنا إلى مخزن النفايات.
العقل الذى كان يعى هذه الحقيقة.. منفصل عن عاطفة تربت على أن الحاكم أب والديكتاتورية قدر و«خَلّوه يموت فى بلده» وغيرها من مقولات تلعب على عاطفة تكشف ابتذالها، لأن الدولة ليست عائلة، والدولة التى تقوم على الأب أو البطريرك.. ماتت وشبعت موتا.
مبارك ابن هذه الدولة التى ماتت، ولهذا لا يشعر بالعار الذى يحيطه من كل جانب. ولا يرى ما جناه على مصر، لأنه غارق فى كرسيه، ملتصق بسلطته إلى حد التوحد.. ويعتبر أن إزاحته مؤامرة وإبعاده غدر.. وهذه نفسية المجرمين من هذا النوع، فهتلر انتحر لأنه شعر بالغدر لا بالندم.. وصدام حسين تخيل أنه ضحية بعد أن قتل ملايين الضحايا.. وحتى صلاح نصر فمن يعرفه بالتأكيد سمع عن مرثياته الطويلة فى الزنزانة وكلها تدور حول حمايته لمصر.
إنهم تجار بضاعة اكتشفنا فسادها، وهم حياتهم كلها قامت عليها.. مبارك يشعر بأنه أنقذ مصر.. شعور يصدقه ولا يخادع به.. هو يعتقد أنه مغدور به، ولا يرى الحقيقة، لأنه غارق فى ذاته إلى حد لا يسمع ولا يرى فيه إلا نفسه ومصيره.
لا يدرك مبارك أننا اكتشفنا أن إنقاذه المتخيل هو كارثتنا الكبرى، وأنه قاد الديكتاتورية إلى مزبلتها الأخيرة، لأنه، وبدهاء الموظف، فتح الباب أمام الشهوات كلها، ولم يكن أمام دولة تموت بالتدريج إلا تحولها إلى ملعب للمافيا.
وهذا ما يجعل مبارك لا يفهم لماذا نحن غاضبون منه إلى هذا الحد؟
هو يتصور أنه أنقذنا بتسليمنا للصوص.
ونحن اكتشفنا أن هذه الدولة ليست قدرنا، وأن هناك أشكالا أخرى من الدول لا تتحكم فيها مومياوات ولا تقودنا إلى حكم المافيا.
سألت مرة: ماذا سيفعل مبارك إذا حصل هو وأولاده على البراءة؟ هل سيعودون إلى البيت؟
تظهر الآن وجوه من المحاربين القدامى فى نظام مبارك، خرجوا من الشقوق يحاولون ترميم دولته، يبيعون بضاعة منتهية الصلاحية، مستهلكة، لكنها تستخدم لكى تلتهمها آلة الاستهلاك الكبيرة.
الدراما العاطفية الفاقعة فى محاكمة مبارك تقول إن المشهد أصغر من الثورة، وإن وضع الفرعون فى القفص لم يعد كافيا للشعور بأن الثورة تحققت.
الديكتاتور فى القفص، لكن الديكتاتورية تطل من خلف شبكة مصالح واسعة تريد منع الثورة من الاستمرار.
وهذا ما يتحقق عبر السيطرة على الإعلام والتليفزيون، الذى يريد استهلاك الثورة وتحويلها إلى موضوع تصبح فيه مجرد وجهة نظر.. تقابلها وجهة نظر أخرى لجيش الدفاع عن مبارك ونظامه وأيامه.
مبارك النائم فى القفص، بالملابس البيتية، يبدو مدافعا عن الديكتاتورية باستدراره للعواطف.. هى لحظات الدفاع اليائس ضد لعنة لا يعرف أحد آخرها.
الأب النائم ديكتاتور، لكنه أب، وزعيم مافيا انتهى دوره، لكنه ما زال معلقا بين لحظتين، عرف الأولى يوم التنحى ويوم قال «حاضر يا افندم»، ولا يعرف ماذا ستكون اللحظة الثانية.
مبارك.. العاطفى لا يعرف بلاده التى تغيرت.. ويبدو أنه لم يذق الظلم الذى تجرعته الملايين عندما التصق بالكرسى ٣٠ سنة، وقبل أن ينقل عادة التصاقه إلى سرير يحميه من المصير الحقيقى فى زنزانة حبس فيها بلدا كاملا دون رمشة عواطف واحدة.
__________________

رد مع اقتباس