[silverlite]

تغنى للثورة نعم.. تغنى عليها لا
وائل قنديل




لا يستقيم أن يتحدث أحد عن اعتزازه بالثورة وافتخاره بالثوار، ثم يعلن أنه سوف يحمى المنشآت العامة ومصالح الوطن العليا منهم يوم 25 يناير، وتغرق الجميع فى صناعة حواديت ساذجة عن «المولوتوف» كمرادف للثوار.

ولا يصح أن تغنى للثورة وتغنى عليها فى وقت واحد.. ولا يعقل ن تدعى احتضانك وانتماءك لها وأنت تتعامل مع عيدها الأول باعتباره حفلا فنيا راقصا فى مهرجان اعتزال فاخر على أرض استاد القاهرة، الذى هو استاد ناصر بالمناسبة، لولا أن النظام الساقط قرر تغيير اسمه لكى يشعر المخلوع بذاته، ولا يُذكر اسم لزعيم سواه.

إن الإفراط فى أحاديث الرعب والخطر يوم عيد الثورة لم يعد حصرا على المجلس العسكرى والشرطة، بل دخلت أطراف أخرى كانت قبل عدة أشهر من نسيج الثورة، وأعلنت أنها تريد اليوم زمرا وطبلا ورقصا، ولم تكتفِ بذلك بل أعلنت شراكتها مع الجيش والشرطة فى تأمين المنشآت فى اليوم الكبير.

لقد صدمت وأنا أستمع من الأستاذ نادر عمران مسئول الاتصال السياسى بحزب الحرية والعدالة (الواجهة السياسية لجماعة الأخوان ) أن الحزب قرر تشكيل لجان شعبية مع الجيش والشرطة لحماية المنشآت العامة يوم الأربعاء المقبل، ذلك أن هذا الكلام يتماهى وينسجم تماما مع سيناريوهات أفلام الرعب المعدة مسبقا لقطع الطريق على أفكار استكمال الثورة فى يوم عيدها الأول، ذلك أن ما بين سطور هذا الكلام يشى بأن الثوار والمتظاهرين الذين قرروا الخروج إلى الميادين يشكلون خطرا على أمن ومصالح البلاد.

إن هذا التصريح بالتصور الإخوانى عن عيد الثورة، جاء على الهواء مباشرة فى لقاء مع الزميل الكبير العزيز محمود سعد فى برنامجه على قناة النهار، وبعد ساعات من حديث مطول للواء إسماعيل عثمان عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة على التليفزيون المصرى تناول فيه فقرات الحفل الساهر الكبير بمناسبة عيد الثورة، بدا معه من سياق الحديث والتصريح أن البعض يتعامل مع هذه المناسبة كما يتعامل مع عيد شم النسيم، أو المولد، بحيث يتركز الاهتمام على الجوانب الكرنفالية الترفيهية، هربا من الأسئلة الواجبة: ماذا فعلنا مع الثورة وبها ولها بعد عام من عمرها؟

إن الطالعين إلى الميادين مرة أخرى يوم 25 ليسوا عطشى للرقص والغناء والترفيه، ليسوا جوعى لبهرجة الكرنفالات، بل عطشى وجوعى لتحقيق المعانى والأهداف الحقيقية لثورة سلموها بهية وجميلة لمن ألح فى طلب إدارتها فتحولت على يديه إلى مسخ شائه، وخليط عجيب من الثورة والثورة المضادة.