[silverlite]

المأجورون


نواره نجم


هل يصدق أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أن هناك «مأجورين» يتقاضون مالًا لإلقاء المولوتوف؟ أم أنهم تواطؤوا على الكذب لإقناع الرأى العام؟ لا أتحدث عن القيادات التى تعلم تمام العلم أنها تكذب، أتحدث هنا عن أعضاء الجماعة.. الأمر يعنينى ويشغل بالى، لأننى من خلاله أستطيع الحكم على العمر العقلى للسادة الأعضاء، ويمكننى أيضًا من خلاله أن أحكم على المنظومة القيمية التى تحكم تصرفات أعضاء الجماعة، وبناء عليه يمكننا أن نحدد: هل يستحق أعضاء الجماعة السجن، أم الإيداع فى مصحة عقلية؟
لنفكر سويًّا بما يتضح من واقع الحال:
من عيوب الثوار أنهم أفراد غير منظمين، لا يتم حشدهم سوى باستصراخ نخوتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أو عبر متابعة بعضهم للأحداث فى التليفزيون، وقد يشارك أحد المارة فى المواجهات، لأنه استُفز من أداء الداخلية المفرط فى العنف. الأمر الذى يصيبك بالحيرة حين تحاول قراءة ردود أفعال الشارع الثورى، فتارة تجد مئات الآلاف يجوبون الشوارع، ويصلون الليل بالنهار فى شم الغاز وإلقاء المولوتوف، وتارة لا تجد سوى أعداد هزيلة، تستمر فى المواجهة، ولا يمكنك بأى حال من الأحوال توقع رد فعل الشارع الثورى، فهو يحتشد فى وقت تظن فيه أنه سيقبع فى البيوت، ويتخاذل فى وقت تظن فيه أن مصر ستخرج عن بَكرة أبيها، ليس أدل على ذلك من فشل الحركات السياسية للحشد فى القاهرة بالتزامن مع أحداث العنف فى كل من بورسعيد والمنصورة، فعلى الرغم من دعوات كثيرة للتظاهر، فإن الجماهير فى القاهرة، ببساطة، لا تستجيب.
من مميزات جماعة الإخوان المسلمين، أنها جماعة منظّمة، تهتم بأعضائها، تتوغل فى القرى والنجوع والعشوائيات، وتنفق على أسر فقيرة، شريطة أن تنضم إلى الجماعة، توظّف الشباب العاطل من أعضاء الجماعة، تكفل النساء الأرامل من أعضاء الجماعة، تنفق أموالًا طائلة على تعليم النوابغ.. من أعضاء الجماعة أيضًا. فى مقابل ذلك، كل فرد من الجماعة، أو ممن يعيشون فى خيرها، له مسؤول يكلفه بمهمة النزول أو الانسحاب، وهو عليه السمع والطاعة، قد يمن عليه المسؤول ويعرض عليه أسباب النزول، وقد يعرض عن ذلك مبررًا صمته بأنها أسرار عليا. ما أقوله ليس تخمينًا، وإنما هو ما يقوله أعضاء الجماعة بوضوح فى حواراتنا السابقة معهم، وعلى حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى. وأذكر أن الثوار حين ساروا إلى مجلس الشعب، إبان الحكم العسكرى، لتسليم السلطة للبرلمان، واعترضهم شباب الإخوان وضربوا النساء بالأحزمة، وقتها قالوا لشباب الثوار بأن هناك مؤامرة ما، وإنهم نزلوا ليحبطوها، وحين سألهم علاء عبد الفتاح: مؤامرة إيه؟ أجابوه: مانعرفش.. بس القيادات عارفة! أما أنا فلم أكن متحمّسة لنقل السلطة إلى برلمان الإخوان، خصوصًا بعد ما اقترفوه فى أثناء معركة محمد محمود، لكننى بمجرد أن علمت بضرب الإخوان للنساء نزلت لأدافع عن المتظاهرين، وهو تصرف لا يجرؤ إخوانى على أن يقوم به دون استشارة مسؤوله.
ماذا يحدث لو أن عضوًا من الجماعة ثار على الأوامر وقال لمسؤوله: ماليش مزاج، أو قال: طب الأسباب مش مقنعة بالنسبة إلىّ؟ بالطبع سيتم فصله من الجماعة. طبعًا حضرتك حتقول: فى داهية. فى داهية إزاى بقى؟ والوظيفة التى منحتها له الجماعة؟ والشهرية التى تدفعها الجماعة لأسرته الفقيرة؟ ومصاريف دراسته التى تتحمّلها الجماعة؟ خصوصًا أن الجماعة عادة ما تعتمد فى حشدها للمواجهات على الفقراء من أعضائها.
فمَن إذن المأجور؟
تظن الجماعة التى تحتقر الفقراء والضعفاء أنه لا يمكن لطفل فقير أن يتظاهر دون أن يتقاضى مقابلًا ماديًّا. لماذا تستنكر الجماعة تظاهر الأطفال ضدها وتعتبره استغلالًا سيّئًا للطفولة، ولم تقل ذات الكلام على الطفلة ابنة حسن مالك التى يتداول الإخوان الفيديو الخاص بها، وهى تتحدث فى السياسة وتقرأ رسالة لوالدها بعنوان: عد يا أبى؟ لو أن ابنة حسن مالك، التى تنعم برغد العيش، كبرت قبل أوانها بسبب اعتقال والدها، فماذا يفعل الفقر والجوع والظلم واليتم فى أطفال سواها؟
مَن دفع المال للطفل نبيل منصور، ذلك الطفل المقاوم من بورسعيد، الذى استُشهد على يد الاحتلال الإنجليزى؟ مَن دفع المال لأطفال الحجارة؟ بل مَن الذى دفع الرشوة لأعضاء الجماعة، كى يرسلوا أطفالًا إلى المظاهرات لدعم غزة فى أثناء حكم مبارك؟
أم أن الجماعة اعتادت على أن تتقاضى الرشوة وتعطيها، فلم تعد تتصوّر أن هناك من البشر مَن لا يقبل الرشوة، ويخلص لقضيته دون مقابل؟