سيارة الشعب كيف غيرت فولكس فاجن Beetle تاريخ صناعة السيارات
فى بداية العشرينيات بدأ العبقرى هنرى فورد بترسيخ مفهوم سيارة للشعب فقد رفض تماما مبدأ أن تكون السيارة سلعة لذوى الدخول المرتفعة أو للطبقات الأرسطوقراطية فقط وبإنتاجه لسيارة Model T حقق بالفعل هنرى فورد غايته، وصل كم الإنتاج لدرجة لم يتوقعها أحد ففى أوج مجد فورد كانت نصف سيارات العالم من طراز Model T، الأمر لم يرق للدكتاتور الألمانى أدولف هيتلر وأراد هو الآخر أن يضع بلده على خارطة صناعة السيارات ولهذا كلف المهندس فرديناند بورشه والذى ذاع سيطه كأفضل مصمم للسيارات فى ألمانيا آنذاك ان يصنع سيارة شعبية
فى 1936 عرضت أول ثلاث نماذج اختبارية على أدولف هيتلر الذى أعجب بالسيارة وأمر بتحديد قطعة أرض لإقامة مصنع متخصص فى بناء سيارة فولكس فاجن Beetle وقد وقع الإختيار على قطعة أرض بجانب قلعة ولفزبرج .. الأرض التى كانت تتبع لمالكها إيرل فون شولفيرج أخذت منه عن طريق الحكومة بوضع اليد وأقيم عليها مصنها يعد حتى الآن من أكبر مصانع السيارات فى العالم، وإن كان فورد وهتلر يتفقان فى شئ فهو بالتأكيد ارادتهما لتعميم السيارات وجعلها أسهل منالا بالنسبة للطبقات الوسطى أو كما يطلق عليها الطبقات العاملة، وبما أن العالم كان قد اعتاد أن تؤدى Model T تلك الوظيفة لم يتوقع أحد أن العالم كان فى حاجة إلى سيارة أخرى مثل Beetle ولكن على العكس تماما فقد كانت Beetle أكثر بكثير من مجرد سيارة للشعب فقد كان يبتاعها محدودى الدخل وميسورى الحال وحتى الأرستوقراطيين على حد سواء، تصميمها المميز وحضورها الذى لم تمتلكه أى من السيارات الأخرى فى السوق كانت فولكس فاجن بيتل بمثابة "موضة" جديدة أو ماركة تدل على أن مالك هذه السيارة يمتلك ذوقا مختلفا.
عقلية استراتيجية
بعد أن بدأ انتاج سيارة بيتل تجارياد بفترة وجيزة جدا شهد العالم حدثا غير مجرى الخطط أجمع ... فباندلاع الحرب العالمية الثانية التى تورطت فيها ألمانيا عام 1939 وبالطبع كان الجيش فى أمس الحاجة لكل ذرة موارد موجودة بداخل البلد ولكن هيتلر كان أذكى من ذلك فبدلا من أن يغلق المصنع أوقف إنتاج السيارة التجارية وأجرى بعض التعديلات البسيطة عليها لتصبح أداة حرب وبالفعل ظهرب بعض النسخ غريبة الأطوار والملامح والتى قد لا يتخيل من يراها لأول مرة أنها تمت لـBeetle بصلة ولكن فى حقيقة الأمر أنها بنيت فى الأساس على قاعدة مكونات Beetle، أبرز تلك الـ"اختراعات" كانت “KÜBELWAGEN” والتى أطلق عليها هذا الاسم لأنها بالفعل كانت تشبه البرميل وقد جهزت تلك السيارة بجسم جارجى يشبه البرميل ليمكنها من تخطى أكبر العوائق الممكنة ولكنها لم تتمكن من تخطى المياه، ولكن هيتلر كان أكثر عندا من العوائق الطبيعية فأمر بتعديل تلك النسخة لينتج المصنع ما أطلق عليه "SCHWIMMWAGEN" أى "السيارة التى تتمكن من العوم" ولم يكن هذا مجرد اسم، مع حمولة لأربعة جنود تمكنت تلك السيارة من تحقيق سرعات تصل إلى 10 كم/س فى المياه وكانت تعتبر من أوائل السيارات البرمائية فى التاريخ.
من ركام إلى إمبراطورية
أثناء الحرب العالمية الثانية لم يكتم الجواسيس سرا أن مصنع ولفزيرج هو ما وراء سيارات الألمان الحربية ولهذا لم يسلم المصنع من قصف طائرات البريطانيين الذى دمر ما بقرب من ثلثى المصنع .. وباحتلال إنجلترا لمنطقة ولفزبرج بأكملها كان المصنع أو ما تبقى منه ملكا لهم وهذا ما استغله الفريق المهندس آيفان هيرست الإنجليزى فى انتاج سيارات حربية للجيش الإنجليزى لفترة وجيزة ومن ثم قرر الإنجليز إعادة ولفزبرج لألمانيا .. ومن هنا أتى المهندس الألمانى هاينز نوردهوف وجمع ما تمكن من جمعه من موارد لإعادة إحياء قطعة فيرديناند بورشه الفنية و بالطبع كون ألمانيا قد خرجت لتوها من فترة عصيبة كان الإنتاج محدودا جدا .. حين تولى نوردهوف المصنع فى 1946 لم يتعدى الإنتاج بضع المئات فى العام .. ولكن بإصرار وعند –يبدو وكأنه يورث فى الجينات عند الألمان- تمكن هاينز من رفع الإنتاج إلى 19,000 سيارة فى 1948 ثم 46,000 قى 1949 وظل فى زيادة لا يمكن توقعها حتى بجايات السبعينيات .. اما عن الأب الروحى لفولكس فاجن فيرديناند بورشه فكان قد اعتقل أثناء الحرب بسبب إدعاء بيير بيجو الكاذب عليه بأنه ارتكب جرائم حرب ولهذا ظل بورشة سجينا فى معتقلات فرنسا حتى 1947 إلى أن تمت تبرئته من التهم المنسوبة إليه ولكنه لم يعد إلى ألمانيا حتى 1949 وقد ذكر أحد مرافقيه أنه "حين عجنا إلى ألمانيا لم يكن بورشه يتوقع أن يرى مثل هذا الكم الهائل من سيارات بيتل تجوب طرق ألمانيا .. وحين رأى هذا تحركت مشاعره بشدة واغرورقت عيناه بالدموع" ... رحل العبقرى فيرديناند بورشه الجد فى 30 يناير 1951 ولكن Beetle ستبقى لزمن طويل لتمجد تاريخ بورشه وتعطى الإنسانية درسا .. فبالرغم من أنها ولدت فى فترة من أكأب فترات التاريخ إلا أنها تعتبر من أكثر السيارات التى تضفى بهجة على سائقيها ومالكيها وحتى ناظريها.
منقول