[silverlite]

كاذبون.. وفاشلون أيضا



وائل قنديل


لا يريد الإعلام الساقط أن يخرج القشة التى فى عينيه قبل أن يرى القذى الذى فى عين المتظاهرين.. أقصد ذلك النوع «المعدل» من إعلام مبارك، الذى تملق الثورة ونافقها فى الفترة التالية لإزاحة المخلوع، واختبأ تحت مظلتها مؤديا دور المغتسل من خطاياه وجرائمه فى عصر مبارك، وفى اللحظة المواتية استعاد وجهه القبيح، وأخرج ما فى جوفه من كراهية وغل تجاه الثوار.

ولأنه إعلام بلا ضمير أو بصيرة، لم يرد أن ينقل الصورة كما هى فى محيط وزارة الداخلية، التى أجهض قياداتها كل المبادرات المحترمة التى قامت بها شخصيات نبيلة ونواب برلمانيون من أجل وقف الاشتباكات وحقن الدماء.

والثابت أن أمس الأول الجمعة شهد خمس مبادرات على الأقل لإنهاء الصدام عند الوزارة وعودة المتظاهرين إلى ميدان التحرير، وفى كل مبادرة منها يتم التوصل إلى اتفاق نهائى مع قيادات الداخلية من جانب والمتظاهرين من جانب آخر، وما أن يتقدم أصحاب المبادرة إلى عمق الشارع لاستعادة الجموع الغاضبة تنهمر قنابل غاز الأمن على رءوس المبادرين والمتظاهرين معا، فيعود الموقف إلى نقطة الصفر.

لكن إعلام مبارك العائد للانتقام لا يريد أن يرى ويقول إلا أن الثوار يريدون اقتحام وزارة الداخلية وتخريب المنشآت وحرق البلاد، ولم يشعر بوخز ضمير وهو يضلل مشاهديه ولا يتحدث عن استماتة قيادات الأمن فى إفساد كل الجهود المخلصة لإيقاف النزيف.

لقد بات واضحا أن أحدا فى المجلس العسكرى أو الحكومة لا يرغب فى إنهاء الصدام فى محيط الوزارة، وكلما اقتربت الأزمة من الانفراج بادروا بتعقيدها وإشعالها مرة أخرى، بقنابل الغاز والخرطوش، واسألوا مظهر شاهين والمستشار زكريا عبدالعزيز ونادر السيد وآخرين ممن حاولوا إيجاد مخرج.

ولا يقف ذلك النوع من الإعلاميين المؤلفة قلوبهم عند حدود الكذب والتضليل فى نقل الصورة من موقع الأحداث، بل يمارس نوعا آخر من الأكاذيب المضحكة، مرددا طوال الوقت ما يمليه عليه المجلس العسكرى من أباطيل، من عينة أن ما يجرى هو مخطط ينفذه عملاء وخونة لصالح أمريكا و إسرائيل.. وهنا نسأل المجلس العسكرى وإعلامه: إذا كنتم واثقين إلى هذه الدرجة من أن أمريكا و الناتو يضمرون الشر لمصر فلماذا لا يكون لكم موقف وطنى شريف ومسئول وتقطعون علاقاتكم مع الأمريكان والصهاينة وتردوا لهم الصاع صاعين.

لقد سئم الناس هذه اللعبة السخيفة فى تبرير الفشل والتغطية على الجرائم بادعاء أن خطرا خارجيا يتربص بالبلاد.

إنه لا يستقيم منطقيا أو أدبيا أن تكون على يقين من أن عدوا يخطط لالتهامك وتمزيق أشلائك ثم تصدر له الغاز أو تقبل منه مساعدات عسكرية.. اعلنوا رفضكم للمعونة الأمريكية وأوقفوا تصدير الغاز لإسرائيل واكشفوا عن مخططات التقسيم البلهاء، وساعتها يمكن أن يكون لحديثكم بعض الوجاهة والمعقولية.