أبي ..
كم أشتاق للهفتك عند لقائي
ووجهك وضّاء كالقمر ..
تسبقني وتطبع على جبيني قبلة
تنسيني عناء السفر ..
أبي ..
فكم بحاجة الآن أن تطوقني
كالسوار في المعصم أو في النَحَر
بل .. وتخبئني داخل صدرك
بعيدا عن كل البشر
وأبكي .. وأبكي ..
حتى يذوب قلبي ويندثر ..
أبي .. ضمني بذراعيك
فقد قالوا لي أن أطوي جناحي على حزني ..!
وصدرك جناحي ..
فخذني بعيدا عن كل البشر ..
فقد حسبت الناس كلهم أمثالك كالدرر ..
فرجعت خائبة ..
فذنبك أنك لم ترني الوجه الآخر للقمر..!
أبي ..
فقد أصبح الزمان غريبا ..
تركل فيه المشاعر بالحجر ..!
والحب ليس له معنى إلا .. صور !
والورود كشّرت عن أنيابها
ونفضت شذاها في الحفر ..!
أبي ..
ضمني بذراعيك بقوة ولا تأبه
واجبر مني الذي انكسر ..
فما أصعب الاحساس بالعجز
والصبر مني قد ولـّى وهجر ..
وما أقسى الشعور باليأس
من زمن
الصديق فيه من يدفع أكثر ..!
أبي ..
علمتني كيف العين تدمع حين تقرأ :
( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ )
فامسح بها رأسي يا أبي واستكثر
لعل الدمع مني ينهمر ..
ويجري نهر النسيان ويمحو ضوء القمر..! فالقلب من التجريح انشق وانفطر ..