عرض مشاركة واحدة
  #824  
قديم 03-03-2012, 12:21 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

ثلاثة وجوه لعملة واحدة

د.عز الدين شكرى فشير


أطلب من القارئ أن يغير عادتين فى قراءته، ولو من باب المجاملة: الأولى هى عادة القراءة الحدية: إما أن يقبل ما أقوله وإما أن يرفضه. إما أن الثقافة المصرية تغيرت وإما أنها ثابتة لم تتغير. إما أن الثورة نجحت وإما أنها فشلت، إلى آخر هذه القراءات التى ترى الأمر كأنه عملة لها وجهان يفصلهما حد واضح. هناك طريقة أخرى أدعوك إلى استخدامها اليوم، وهى النظر إلى الأمر -أى أمر- على أنه مزيج من هذا وذاك، أحيانا يغلب هذا على ذاك، وأحيانا يتداخلان، ودائما يدفع كلاهما الآخر. لا أمريكا ديمقراطية مئة فى المئة، ولا سوريا استبدادية مئة فى المئة. لا مصر تغيرت بالكامل، ولا هى مصر القديمة بالكامل. لا الثورة نجحت بالكامل، ولا سُرقت بالكامل. وما نقوله عنها اليوم قد يكون صحيحا اليوم، لكن الواقع نفسه قد يتغير فى الغد، ومن ثَم يجب أن يتغير ما نقوله عنه غدا. باختصار: الواقع دائما مزيج من أمور شتى، وجوه شتى، تتداخل وتتصارع. أحيانا يكون الواقع مستقرا، وأحيانا يكون فى حالة تغيُّر متسارع، وعلى قراءتنا لهذا الواقع ولما يُكتب عنه أن تفسح صدرها لهذه الوجوه كلها.
العادة الثانية هى خلط الوصف والدعوة. القول إن الثقافة المصرية تتغير لا يعنى بالضرورة أن هذا التغير خير. القول إن أمريكا دولة مهمة لا يعنى بالضرورة أنك تدعو إلى تأييدها أو الانصياع لها. القول إن الثقة بين قوى الثورة والمجلس العسكرى راحت لا يعنى أنك سعيد بهذا. القول إن الثورة سُرقت، أو انتصرت، أو مستمرة، لا يعنى أكثر مما تقول: أن هذه هى قراءتك للواقع، بغض النظر عما تريد فعله بهذا الواقع.
اقرأ أى مقال كما تقرأ عادة، ثم أعد قراءته بعد أن تغير هاتين العادتين. جرب، هل ترى شيئا لم تره لم قبل؟ هل استفدت أكثر من قراءتك الثانية؟ هل تشاجرت مع الكاتب أقل؟ طيب بلاش قراءة.. استمع إلى أى خبر أو حكم أو مقولة وفكر فيها بعد تغيير هاتين العادتين. مثلا يأتيك شخص ويقول لك إن فلانا حمار. فكر هل يمكن أن يكون حمارا مئة فى المئة؟ أم أن له جوانب عدة من بينها الحمورية؟ ومتى تظهر حموريته أكثر ومتى تتراجع؟ وهل هذا وصف للشخص أم دعوة ممن وجّه الاتهام إليه؟
هذه الطريقة فى القراءة تعين القارئ على رؤية الجوانب المتعددة للواقع، وأهم من ذلك على رؤية إمكانيات تغيره والتأثير فيه بدلا من رؤيته على أنه واقع ساكن مصمت. حين ترى الواقع مزيجا بين الأشياء، ستسأل نفسك عن الظروف التى تمكّن الشىء الغالب من الغلبة، وتلك التى تمكن الأشياء المغلوبة من المقاومة وربما النمو والغلبة فى المستقبل. هذه القراءة للواقع ترى الواقع حيا يتحرك، لا صورة فوتوغرافية ميتة. ولهذا السبب فهى قراءة خلاّقة أكثر، تنشط تفكير القارئ بدلا من أن تجعله متلقّيا سلبيا ليس أمامه إلا الرفض أو القبول بما يقال له.
جرب هذه القراءة اليوم، اليوم فقط. ابدأ بالفصل بين الوصف والدعوة. قرر أن اليوم سيكون يوم الوصف لما تراه، بغض النظر هل يعجبك أم لا. ثم انظر إلى كل ما تراه وما تسمعه وحاول قراءته، لا على أنه إما أبيض وإما أسود، ولكن على أنه مزيج من الألوان، واسأل كم قدر الأبيض وكم قدر الأسود وكم قدر الألوان الأخرى، ومتى يتفوق هذا اللون على ذاك، وهل لو تغيرت الظروف -لو نظرت أنت من زاوية أخرى، لو وضعت الشىء فى الضوء، أو فى الظل- هل ستراه بشكل مخالف؟
جرب، اليوم فقط، فإن لم تعجبك تلك الطريقة فعد إلى القراءة التى تحبها.
__________________

رد مع اقتباس