عرض مشاركة واحدة
  #53  
قديم 21-02-2010, 09:03 PM
الصورة الرمزية king mimo20
king mimo20 king mimo20 غير متواجد حالياً
من انا؟: احمد طلعت سليمان
التخصص العملى: محاسب
هواياتي: البحث والاطلاع ولعب كرة القدم
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الموقع: فى ام الدنيا مصر
المشاركات: 859
king mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond repute
رد: ابطال غير معروفين (متجدد) ملفات من المخابرات

عملية نقل أسرار الصاروخ "حيتس" للمخابرات المصرية

تابع الوقائع المذهلة لفضيحة تهز تل أبيب

16 فبراير 2004

من المؤكد أن صراع العقول بين جهاز المخابرات المصري، وجهاز المخابرات الإسرائيلى معركة طويلة، لا ينتهى فصل من فصولها، حتى يبدأ آخر. ومن المؤكد أننا لا نفاجأ كل يوم باعتراف إسرائيلى صريح بالعبقرية المصرية، والانتصار المصرى على العدو اللدود. وقد كانت مفاجأة سارة لي، وأظن لكل مصري، لو قدر له مطالعة المانشيت الرئيسى لصحيفة معاريف الإسرائيلية فى عددها الصادر يوم أمس السبت، وقد جاء المانشيت ممتعا ومثيرا لأقصى حدود الإثارة والمتعة معا، "برامج الصاروخ "حيتس" كتاب مفتوح أمام المصريين" "فضيحة منظومة الصواريخ "حيتس". وسر الفرحة بالطبع ان الصاروخ حيتس ليس مجرد صاروخ أرض - جو عادي، يستخدم فى الدفاعات الجوية الإسرائيلية لحماية السموات الإسرائيلية، فهو فى واقع الأمر أهم وأخطر منظومة دفاع جوى فى إسرائيل وربما فى العالم، استثمرت فيها إسرائيل مئات المليارات من الدولارات، وعشرات السنوات بمساعدة ودعم أمريكى مفتوح، بعد أن توصل الاستراتيجيون الإسرائيليون والأمريكان بعد حرب الخليج الثانية مباشرة، إلى أن التهديد الحقيقى الذى قد يواجه إسرائيل فى أى حرب شاملة مع دول المواجهة العربية يتمثل فى الصواريخ الباليستية التى تعتمد عليها الجيوش العربية بشكل رئيسى.





وتحمست الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة إسرائيل بجدية، فى تنفيذ مشروعها للدفاع الصاروخى بعد فشل منظومة بطاريات الصاروخ "باتريوت" الأمريكية التى نشرت فى إسرائيل آنذاك عن صد صواريخ سكود العراقية التى سقطت فى العمق الإسرائيلي، وعلى الرغم من أن هذه الصواريخ لم تحدث فى حينها أضرارا بالغة إلا أن السرعة التى تطور بها قدرة الصواريخ الباليستية، ودقتها فى تحديد وإصابة أهدافها. جعلت من الصاروخ "حيتس" (السهم بالعبرية) مشروعا قوميا إسرائيليا، وعكف العلماء الإسرائيليون على تطوير تلك المنظومة الصاروخية "حيتس" الموجهة إليكترونيا، وأنفقوا ملايين الدولارات، فى مشروع مواز لبناء منظومة تحكم عالية التقنية تقوم بمهمة تشغيل بطاريات الصواريخ، وربطها بأجهزة الرادارات والتحكم الأخرى إليكترونيا. وعرفت المنظومة الأخيرة باسم (حوما) أى "السور" باللغة العبرية أيضا. اللغة العبرية التى كانت ثقب الباب الضيق الذى نفذت منه عيون المصريين لتغترف المعلومات المفيدة عن منظومة الصواريخ الدفاعية "حيتس" وتحولها من مظلة أمان لإسرائيل، إلى مظلة مثقوبة تكشف أكثر مما تستر.

لقد كانت المفاجأة التى هزت إسرائيل يوم السبت (14-2-2004) وكشفتها صحيفة معاريف بالصدفة البحتة، ولم تكتشفها أجهزة إسرائيل الأمنية من موساد وشاباك، واستخبارات حربية "أمان" واستخبارت تكنولوجية الوحدة (8200). هى أن المهندس وعالم الإليكترونيات الذى أشرف على تطوير برنامج تشغيل منظومة "حيتس" الإسرائيلية هو مهندس مصرى يدعى "خالد شريف" يقيم فى القاهرة، ويعمل مصمم برمجيات فى فرع شركة Ibm العالمية بالقاهرة.

والحقيقة ليس هناك فى الدنيا أصدق من مدح أو ثناء يصدر من أعدائك، خاصة لو كانوا مثل الإسرائيليين يجادلون فى أبسط الحقائق البديهية، وينكرون وقائع تاريخية ويلفقون أخري. لقد بدأ السبق الصحفى الذى انفردت به معاريف عن سائر الصحف الإسرائيلية بالحقيقة المجردة التالية: " لعب العالم والمبرمج المصرى "خالد شريف" دورا هاما ومحوريا فى حماية السموات الإسرائيلية من تهديدات ومخاطر الصواريخ الباليستية. وخالد شريف هو مهندس كمبيوتر عبقرى وموهوب، يعمل بشركة (ibm) عملاقة التكنولوجيا العالمية فرع القاهرة. فى الشهور الأخيرة تبادل شريف هو وطاقم عمل من الخبراء المصريين الرسائل الإليكترونية مع نظرائهم الإسرائيليين العاملين بفرع (ibm) إسرائيل. ودارت المناقشات والرسائل المتبادلة حول تحديد وإصلاح عدد من العيوب التى ظهرت فى برنامج الكمبيوتر المعروف باسم (motif)، هو البرنامج الرئيسى الذى تعمل من خلاله منظومة الصواريخ الدفاعية الإسرائيلية المشهورة باسم "الصاروخ حيتس".

وتعاجل الصحيفة القراء بالصدمة الثانية: "إن المعلومات السابقة ليست قصة من وحى الخيال العلمي، ولا هى قصة من قصص الإثارة الشيقة إنها الحقيقة التى اكتشفتها صحيفة معاريف وغفلت عنها جميع الأجهزة الأمنية بإسرائيل، ولم تعرف عنها شيئا إلا عندما أسرعت هيئة تحرير الصحيفة بتقديم بلاغ رسمى يحتوى على جميع المعلومات التى توصلوا إليها. وهى أن علماء ومبرمجين مصريين يقيمون فى القاهرة، يعملون منذ شهور طويلة مع علماء ومبرمجين إسرائيليين يقيمون فى تل أبيب، ويتعاونون فى إصلاح عدد من العيوب الفنية والإليكترونية ظهرت فى المنظومة الدفاعية للصاروخ "حيتس". وبالتحديد فى برمجيات المنظومة السرية المعروفة بالاسم الكودى (حوما "السور") ومهمتها تشغيل بطاريات الصواريخ من طراز "حيتس".

وتوضح معاريف أن جميع المعلومات الآن بحوزة المخابرات المصرية،بعد التأكد من توجيهات معينةمن المخابرات المصرية إلى خالد شريف.
أما أكثر السيناريوهات سوداوية هو أن جميع المعلومات الآن بحوزة جهات معادية قد تكون نجحت فى تخريب منظومة الصاروخ.
وتؤكد الصحيفة كذلك أنها تنشر هذه المعلومات وهى فى منتهى الحزن، فلا يعقل أن نتصور أن العلماء الأمريكان الذين عكفوا فى أربعينيات القرن الماضى على تطوير أول قنبلة نووية، جلسوا يناقشون تفاصيل بناء هذه القنبلة مع نظرائهم فى موسكو، عبر أسلاك الهاتف مثلا.
معاريف تعتبر ما حدث فضيحة استخباراتية بكل المقاييس، والذى يضاعف حجم الفضيحة وأبعادها أن الأجهزة المعنية فى إسرائيل ظلت غارقة فى سبات عميق، حتى توجه إليهم عدد من صحفيى معاريف بالمعلومات التى توصلوا إليها بمحض الصدفة من خلال ترددهم على فرع شركة (ibm) فى إسرائيل، ومع ذلك لم يسمح للصحيفة بالنشر سوى أمس السبت بعد أن بدأت طواقم من وزارة الدفاع ومن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية التحقيق فى القضية منذ عدة أسابيع. وبعد ان تم تكوين طواقم فنية لكى تقوم بعملية تمشيط دقيقة لجميع المنظومات الإليكترونية، داخل منظومة الصاروخ حيتس، وتنظيفها،حسب تعبير الصحيفة، وتحديد مواقع البرامج التجسسية التى زرعها المصريون وتحييدها. والبحث عن أية برامج تجسسية من تلك المعروفة باسم "حصان طروادة" قد تكون مثبتة داخل منظومة الصاروخ "حيتس" لتخدم الجهات المعادية لإسرائيل فى الوقت المناسب.

جهات التحقيق لم تحسم أمرها بعد، ولا تعرف بالتأكيد هل جرت محاولات مصرية للسيطرة على المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، أو غرس برامج تجسس بداخلها، وبالطبع حتى لو اكتشفوا برامج من هذا النوع، فمن غير المتوقع أن ينشروا التفاصيل الكاملة لفضيحتهم. ويؤكد "بن كسبيت" الصحفى الأشهر بمعاريف أن التقصير الأمنى الإسرائيلى حدث بحسن نية، ولم تكن هناك دوافع إجرامية أو تجسسية، ولكن الخطأ الكبير هو المخالفة الحمقاء لأبسط قواعد المنطق. فبالفعل هناك علاقات سلام بين مصر وإسرائيل، وتسعى الأخيرة لتشجيع العلاقات التجارية والزراعية، وكافة سبل التعاون معها، لكن يجب وضع خط أحمر واضح، وبارز ومطلق عندما يتعلق الأمر بمنظومة صواريخ دفاعية حساسة إلى هذا الحد.

فالمخابرات المصرية مشهورة بنجاحاتها، وعملياتها الابداعية. ولا شك أن لديهم وسائلهم التى تمكنهم من الإطلاع على كل ما يحدث داخل شركة إليكترونيات عالمية تعمل فى قلب القاهرة. وهى فى ذلك لا تشذ عن الموساد أو وكالة الاستخبارات الأمريكية أو أى جهاز يتبع أبجديات العمل الاستخباري". ويضيف "بن كسبيت": " لذلك فإن الافتراض المنطقى الآن هو أن كل ما تم تبادله من معلومات هذا الشأن بين العلماء المصريين والعلماء الإسرائيليين حسنى النية، معروف ومتاح برمته لأجهزة الاستخبارات المصرية. إذا لم يكن الأمر أخطر من ذلك." ويوضح خبير عسكرى إسرائيلى مدى الخطورة التى يستشعرها الإسرائيليون من هذه العملية الغامضة، قائلا: "إن الجيش الإسرائيلى يعتمد فى أكثر من 80% من أدائه وعملياته على أنظمة قتالية متطورة، من ضمنها منظومة الصواريخ "حيتس" التى تعتمد كليا على أساليب التشغيل الإليكترونى.

شأنها فى ذلك شأن سلاح الجو الإسرائيلى الذى يعتمد على النظام الإليكترونى فى تنفيذ عملياته، وبقية الأسلحة التى تستعين بعشرات بل مئات البرامج الإليكترونية الأخرى. ويضيف الخبير الإسرائيلي: " فى الماضى كنا نضغط على الزناد بقوة لكى نطلق رصاصة، أما الآن فلكى نطلق صاروخ "حيتس" أرض - جو أو قنبلة موجهة بالليزر، ولتشغيل أو إيقاف أجهزة الرادار المتطورة، نضغط برقة على مفتاح Send))، بجهاز الكمبيوتر. ومن أبرز الأمثلة العملية على ذلك عندما حَلقت الطائرات الإسرائيلية من طراز إف 16 فوق مخيم "عين الصاحب" بسوريا، فإن قائد سلاح الجو الإسرائيلى "دان حالوتس" كان يجلس على مقعد وثير فى مكتبه بتل أبيب، وأرسل للطيارين، صورا للمنطقة التى يحلقون فوقها بالايميل، وعلى الصور سهم أحمر يحدد الهدف المراد تدميره. وفى هذه اللحظة فقط يقوم الطيار بمطابقة الصور الإليكترونية، مع صور المنطقة، التى بحوزته من قبل، ويحدد الهدف ويضغط مفتاح Send.

وبالتالى وبناء على هذا الشرح المستفيض، يكفى برنامج اختراق صغير يتم تثبيته وسط هذه المنظومة الإليكترونية لكى يدمر العملية التى تقوم بها الإف 16 بالكامل. أما إذا كنا نتحدث عن الصاروخ "حيتس" فإن الأمر أعقد من ذلك بكثير. فأى خبير كمبيوتر متمكن يستطيع أن يزرع داخل منظومة التشغيل برنامجا صغيرا من طراز "حصان طروادة" وهو برنامج، فعال ومدمر، مصمم بحيث يعمل فور تشغيل المنظومة، ويتسبب فى تدميرها وانهيارها فورا. وبناء على هذه المعلومات البديهية ترسم معاريف السيناريو التالى : " عندما يأتى يوم الحساب وتبدأ الصواريخ الباليستية (العربية طبعا) فى قطع طريقها بسرعة البرق نحو السموات الإسرائيلية، لتسقط شظاياها على رؤوس الإسرائيليين، وتصدر الأوامر بسرعة أيضا، بتشغيل منظومة "حوما" الإليكترونية، قد نفاجأ بأنها غير قادرة على العمل، وأنها تتهاوى أمام أعيننا.

ولا تنطلق الصواريخ الدفاعية التى أنفق عليها المليارات، أو تنطلق الصواريخ لكن تنحرف عن مسارها وتخطئ أهدافها، وفى أسوأ الأحوال تنفجر فى الهواء على رؤوسنا فور انطلاقها. وعلى الرغم من أن البعض قد يعتقد أن هذا السيناريو خيالى بعض الشيء، إلا أنه للأسف نفس السيناريو الذى تجرى دراسته الآن فى أهم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فى إسرائيل.

محررو معاريف الذين اكتشفوا تفاصيل الفضيحة، أعلنوا أن لديهم وثائق تدل على الصلة الوثيقة والاتصالات شبه اليومية التى دارت بين مهندسى شركة (ibm) فرع إسرائيل، ونظرائهم المصريين فى فرع الشركة بالقاهرة. والمجهودات المشتركة التى بذلوها لإصلاح عيوب برنامج تشغيل الصاروخ "حيتس"، لكن الأخطر من ذلك فعلا، هو أن المعلومات التى حصلت عليها معاريف، ونشرتها تؤكد أن الجيل التالى من هذا البرنامج المعروف باسم(motif) سيتم تصميمه وتطويره فى فرع الشركة بالقاهرة، تحت إشراف "مهندسين مصريين" بالطبع. ثم يتم إرساله إلى تل أبيب ليتدربوا عليه، ثم يتم إحلاله محل الجيل الحالى من البرنامج.

والسؤال البديهى الذى بدأ بالتأكيد يطرح نفسه الآن بالنسبة للقارئ، هو كيف تم التعاون بين المهندسين المصريين والإسرائيليين فى تطوير برنامج بهذه الخطورة العالية والحساسية البالغة بالنسبة للإسرائيليين. الحقيقة أن الأمر بسيط للغاية، ربما كان المفتاح الرئيسى فيه هو اللغة العبرية، نعم اللغة العبرية، فأساس المشكلة التى واجهت مهندسى وزارة الدفاع الإسرائيلية أن جميع البرامج الإليكترونية متوائمة مع اللغة الانجليزية بالأساس. وإذا أراد الإسرائيليون عبرنة البرنامج فالحل هو التوجه لفرع شركة (ibm)فى القاهرة، وهو بالمناسبة أكبر فرع للشركة فى الشرق الأوسط وهو الفرع الوحيد المرخص له تحويل مواءمة البرامج من اللغة الانجليزية، إلى اللغات السامية - العربية والعبرية. وبالتالى فقد جاء الإسرائيليون بأقدامهم ومعلوماتهم إلى الخبراء المصريين، ليحلوا لهم مشاكلهم التقنية التى عجزوا عن معالجتها. وعلى الرغم من أن صحيفة معاريف أوردت جميع هذه المعلومات، وأشارت إلى أن إسرائيل لا يمكن أن تتهم مصر بأى مسئولية، ولا تحملها إهمال العلماء الإسرائيليين، إلا أنها استنكرت بالطبع أن تطبق هذه القواعد على برنامج تشغيل منظومة الصواريخ الدفاعية الإسرائيلية، وخاصة أنه أمر فى غاية الحساسية ومن غير المبرر، من وجهة نظرهم، أن يجرى تطوير هذا البرنامج الخطير الذى سيحمى السماوات الإسرائيلية، فى معامل بقلب القاهرة.

وتدعى الصحيفة نقلا عن مسئول كبير بسلاح الجو الإسرائيلى : "أن العلماء الإسرائيليين المسئولين عن العملية وفقوا أوضاعهم، وأوقفوا الاتصالات مع المصريين، ولو أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، لكن كل شيء تحت السيطرة، أوالفحص، بقيادة طاقم خاص أقيم لهذا الغرض".



لكن صحيفة معاريف نسبت لمصادر فى وزارة الدفاع الإسرائيلية قولها: "إن شفرات وحزم معلومات، وبيانات عن البرنامج جرى تبادلها لفترة طويلة بين فرعى الشركة، بل وأثناء المناقشات تسرب الاسم الكودى للمشروع وهو يعتبر بمثابة سر حربى إسرائيلي، هذا بالطبع بخلاف الجيل الجديد من البرنامج الذى يتم تطويره فى القاهرة. والذى قررت السلطات الإسرائيلية وقفه، ووقف التعامل مع العلماء المصريين بهذا الخصوص لأجل غير مسمى بالطبع.

هذه التصريحات المتناقضة للمسئولين الإسرائيليين تؤكد كبر حجم الكارثة، وتضاعف أبعاد الفضيحة، وتدشن لبداية مرحلة جديدة من مراحل الصراع الاستخباري، إنه عصر الجاسوس الإليكتروني، و"أحصنة طروادة". و أن الإستخبارات المصرية قامت بعملية البداية في هذه الحرب ..و للأسف حسب الجريدة ..فإن الإستخبارات المصريه قد أحرزت هدفا مبكرا جدا..في بداية المباراة



منذ أن كتب صالح مرسي قصة "عبلة كامل" في فيلم "الصعود الى الهاوية" وصورة هذه الخائنة مرتسمة بخيالنا. . وحفظنا تفاصيل تجنيدها وخيانتها حتى سقطت في قبضة المخابرات المصرية هي وخطيبها.
والجديد هنا في قصة عبلة كامل. . أو "هبة سليم" الحقيقية. . معلومات جديدة تماماً أعلن عنها مؤخراً .. وكانت خافية حتى بضع سنوات خلت . . كشفت النقاب عن شريكها الضابط العسكري المقدم فاروق الفقي.
إنها قصة مثيرة وعجيبة. . قصة أول جاسوسة عربية استُغلت أديولوجياً. . وعملت لصالح الموساد ليس لأجل المال أو الجاه أو أي شيء سوى الوهم. . الوهم فقط. .
فكانت بذلك اول حالة شاذة لم تماثلها حالة أخرى من قبل . . أو بعد. . !!
حقائق ثابتة
لم تدخر المخابرات الاسرائيلية وسيلة عند تجنيدها للجواسيس إلا وجربتها. وأيضاً – لم تعتمد على فئة معينة من الخونة . . بل جندت كل من صادفها منهم واستسهل بيع الوطن بثمن بخس وبأموال .. حرام، وأشهر هؤلاء على الإطلاق – هبة عبد الرحمن سليم عامر – وخطيبها المقدم فاروق عبدالحميد الفقي.
إنها إحدى أشرس المعارك بين المخابرات الحربية المصرية والمخابرات الإسرائيلية. معركة أديرت بذكاء شديد وبسرية مطلقة، انتصرت فيها المخابرات المصرية في النهاية. وأفقدت العدو توازنه، وبرهنت على يقظة هؤلاء الأبطال الذين يحاربون في الخفاء من اجل الحفاظ على أمن الوطن وسلامته.
لقد بكت جولدا مائير حزناً على مصير هبة التي وصفتها بأنها "قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل" وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها. . كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الامريكي.
لقد تنبه السادات فجأة الى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فوراً، ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر ليس من أجل المال أو الجنس أو العقيدة. . إنما لأج الوهم الذي سيطر على عقلها وصور لها بأن إسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب. وجيشها من المستحيل زحزحته عن شبر واحد من سيناء، وذلك لأن العرب أمة متكاسلة أدمنت الذل والفشل، فتفرقت صفوفهم ووهنت قوتهم . .الى الأبد.

آمنت هبة بكل هذه الخرافات، ولم يستطع والدها – وكيل الوزارة بالتربية والتعليم – أن يمحو أوهامها أو يصحح لها خطأ هذه المفاهيم.
ولأنها تعيش في حي المهندسين الراقي وتحمل كارنيه عضوية في نادي "الجزيرة" – أشهر نوادي القاهرة – فقد اندمجت في وسط شبابي لا تثقل عقله سوى أحاديث الموضة والمغامرات، وبرغم هزيمة 1967 الفادحة والمؤلمة للجميع. . إلا أن هبة انخرطت في "جروب" من شلة أولاد الذوات تسعى خلف أخبار الهيبز، وملابس الكاوبوي وأغاني ألفيس بريسلي.
وعندما حصلت على الثانوية العامة ألحت على والدها للسفر الى باريس لإكمال تعليمها الجامعي، فالغالبية العظمى من شباب النادي أبناء الهاي لايف، لا يدخلون الجامعات المصرية ويفضلون جامعات أوروبا المتحضرة .
وأمام ضغوط الفتاة الجميلة وحبات لؤلؤ مترقرقة سقطت على خديها، وافق الأب وهو يلعن هذا الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ولا بد من مسايرة عاداته وتقاليده.
وفي باريس لم تنبهر الفتاة كثيراً، فالحرية المطلقة التي اعتادتها في مصر كانت مقدمة ممتازة للحياة والتحرر في عاصمة النور.
ولأنها درست الفرنسية منذ طفولتها فقد كان من السهل عليها أيضاً أن تتأقلم بسرعة مع هذا الخليط العجيب من البشر. ففي الجامعة كانت تختلف كل الصور عما ترسب بمخيلتها. . إنها الحرية بمعناها الحقيقي، الحرية في القول والتعبير . . وفي اختيار المواد الدراسية. . بل وفي مواعيد الامتحان أيضاً، فضلاً عن حرية العلاقة بين الجنسين التي عادة لا تقتصر على الحياة الجامعية فحسب. . بل تمتد خارجها في شمولية ممتزجة باندفاع الشباب والاحتفاء بالحياة.
جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة لا تلتفت الى الخلف، وتنطلق في شراهة تمتص رحيق الحرية. . ولا تهتم بحالة الحرب التي تخيم على بلدها، وتهيمن على الحياة بها.
لقد أعلنت صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة. وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل، وأسلوب الحياة في "الكيبوتز" وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشاً آدمية كما يصورهم الإعلام العربي، بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديموقراطية.
وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي والامتزاج بهم بدعوى الحرية التي تشمل الفكر والسلوك. . استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج تشكلت لديها كحقائق ثابتة لا تقبل السخرية. أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جداً وأقوى من كل العرب. وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي.. ففي ذلك هزيمة لها.
آمنت هبة أيضاً بأن العرب يتكلمون أكثر مما يعملون. وقادتها هذه النتائج الى حقد دفين على العرب الذين لا يريدون استغلال فرصة وجود إسرائيل بينهم ليتعلموا كيفية اختزال الشعارات الى فعل حقيقي. وأول ما يبدأون به نبذ نظم الحكم التي تقوم على ديموقراطية كاذبة وعبادة للحاكم.


وثقت هبة أيضاً في أحاديث ضابط الموساد الذي التقت به في شقة صديقتها. . وأوهمها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وهم على خلاف دائم وتمزق خطير، في حين تلقى إسرائيل الدعم اللازم في جميع المجالات من أوروبا وأمريكا.
هكذا تجمعت لديها رؤية أيديولوجية باهتة، تشكلت بمقتضاها اعتقاداتها الخاطئة، التي قذفت بها الى الهاوية.
الشك المجنون
كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي اقتنعت بها الفتاة سبباً رئيسياً لتجنيدها للعمل لصالح الموساد .. دون إغراءات مادية أو عاطفية أثرت فيها، مع ثقة أكيدة في قدرة إسرائيل على حماية "أصدقائها" وإنقاذهم من أي خطر يتعرضون له في أي مكان في العالم.
هكذا عاشت الفتاة أحلام الوهم والبطولة، وأرادت أن تقدم خدماتها لإسرائيل طواعية ولكن.. كيف؟ الحياة في أوروبا أنستها هواء الوطن. .وأغاني عبد الحليم حافظ الوطنية. .وبرج القاهرة الذي بناه عبد الناصر من أموال المخابرات الأمريكية التي سخرتها لاغتياله.
فقط تذكرت فجأة المقدم فاروق الفقي الذي كان يطاردها في نادي الجزيرة، ولا يكف عن تحين الفرصة للانفراد بها. .وإظهار إعجابه الشديد ورغبته الملحة في الارتباط بها. لقد ملت كثيراً مطارداته لها من قبل في النادي وخارج النادي، وكادت يوماً ما أن تنفجر فيه غيظاً في التليفون. . وذلك عندما تلاحقت أنفاسه اضطراباً وهو يرجوها أن تحس به. مئات المرات قال لها: "أعبدك .. أحبك .. أهواك يا صغيرتي". ولكنها كانت قاسية عنيفة في صده.
تذكرت هبة هذا الضابط الولهان، وتذكرت وظيفته الهامة في مكان حساس في القوات المسلحة المصرية، وعندما أخبرت ضابط الموساد عنه. .كاد أن يطير بها فرحاً، ورسم لها خطة اصطياده.
وفي أول أجازة لها بمصر. . كانت مهمتها الأساسية تنحصر في تجنيده.. وبأي ثمن، وكان الثمن خطبتها له. وفرح الضابط العاشق بعروسه الرائعة التي فاز بها أخيراً، وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية. . وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا. . فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل.
أرسلت هبة سليم على الفور بعدة خطابات الى باريس بما لديها من معلومات ولما تبينت إسرائيل خطورة وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم.. اهتموا بها اهتماماً فوق الوصف. وبدأوا في توجيهها الى الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة. . وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها، والمواقع التبادلية المقترحة.
وسافرت هبة الى باريس مرة ثانية تحمل بحقيبتها عدة صفحات. . دونت بها معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي حيرت المخابرات الاسرائيلية. فماذا سيقدمون مكافأة للفتاة الصديقة؟
سؤال كانت إجابته عشرة آلاف فرنك فرنسي حملها ضابط الموساد الى الفتاة .. مع وعد بمبالغ أكبر وهدايا ثمينة وحياة رغدة في باريس. رفضت هبة النقود بشدة وقبلت فقط السفر الى القاهرة على نفقة الموساد بعد ثلاثة أشهر من إقامتها بباريس. كانت الوعود الراقة تنتظرها في حالة ما إذا جندت خطيبها ليمدهم بالأسرار العسكرية التي تمكنهم من اكتشاف نوايا المصريين تجاههم.
لم يكن المقدم فاروق الفقي بحاجة الى التفكير في التراجع، إذ أن الحبيبة الرائعة هبة كانت تعشش بقلبه وتستحوذ على عقله.. ولم يعد يملك عقلاً ليفكر، بل يملك طاعة عمياء سخرها لخدمة إرادة حبيبته. وعندما أخذها في سيارته الفيات 124 الى صحراء الهرم.. كان خجولاً لفرط جرأتها معه، وأدعت بين ذراعيه أنها لم تصادف رجلاً قبله أبداً. وأبدت رغبتها في قضاء يوم كامل معه في شقته. ولم يصدق أذنيه. فهو قد ألح عليها كثيراً من قبل لكنها كانت ترفض بشدة. الآن تعرض عليه ذلك بحجة سفرها، وفي شقته بالدقي تركت لعابه يسيل، وجعلته يلهث ضعفاً وتذللاً..
ولما ضمها الى صدره في نهم ورغبة واقتربت شفتاه منها.. صدته في تمنع كاذب. . فاندفع اليها بشوق أكثر، ولملم جرأته كلها وأطبق على شفتيها يروي ظمأ ملهوفاً تلسعه موجات من صهد أنوثتها. فأذاقته قبلة طويلة غمست بلذائذ من النشوة، وحمم من الرغبات، فطار عقله وبدا كطفل نشبث بأمه في لحظة الجوع، لكنها.. هيهات أن تمنحه كل ما يريد. فقد حجبت عنه رعشة الوطر وأحكمت قيدها حول رقبته فمشى يتبعها أينما سارت. . وسقط ضابط الجيش المصري في بئر الشهوة ووقّع وثيقة خيانته عارياً على صدرها، ليصير في النهاية عميلاً للموساد تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية.. موضحاً عليها منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات. . التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الاسرائيلية.
لقد تلاحظ للقيادة العامة للقوات المسلحة ولجهازي المخابرات العامة والحربية، أن مواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي. حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها، وحودث خسائر جسيمة في الأرواح، وتعطيل في تقدم العمل وإنجاز الخطة التي وضعت لإقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات.
تزامنت الأحداث مع وصول معلومات لرجال المخابرات المصرية. . بوجود عميل "عسكري" قام بتسريب معلومات سرية جداً الى إسرائيل. وبدأ شك مجنون في كل شخص ذي أهمية في القوات المسلحة، وفي مثل هذه الحالات لا يستثنى أحد بالمرة بدءاً من وزير الدفاع.
يقول السفير عيسى سراج الدين سفير مصر في كوبنهاجي، ووكيل وزارة الخارجية بعد ذلك:
"اتسعت دائرة الرقابة التليفزيونية والبريدية لتشمل دولاً كثيرة أخرى، مع رفع نسبة المراجعة والرقابة الى مائة في المائة من الخطابات وغيرها، كل ذلك لمحاولة كشف الكليفية التي تصل بها هذه المعلومات الى الخارج. كما بدأت رقابة قوية وصارمة على حياة وتصرفات كل من تتداول أيديهم هذه المعلومات من القادة، وكانت رقابة لصيقة وكاملة. وقد تبينت طهارتهم ونقاءهم.
ثم أدخل موظفو مكاتبهم في دائرة الرقابة. . ومساعدوهم ومديرو مكاتبهم .. وكل من يحيط بهم مهما صغرت أو كبرت رتبته".
وفي تلك الأثناء كانت هبة سليم تعيش حياتها بالطول وبالعرض في باريس. وعرفت الخمر والتدخين وعاشت الحياة الاوروبية بكل تفاصيلها. وكانت تشعر في قرارة نفسها بأنها خلقت لتعيش في أوروبا، وتكره مجرد مرور خاطرة سريعة تذكرها بمصريتها.
لقد نزفت عروبتها نزفاً من شرايين حياتها، وتهللت بشراً عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل، فلم تكن لتصدق أبداً أنها مهمة الى هذه الدرجة، ووصفت هي بنفسها تلك الرحلة قائلة: "طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي. وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبداً إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين، حيث تقوم الطائرات المقاتلة بمرافقة طائرة الضيف حتى مطار الوصول.
وفي مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة، وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو. واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد ، وأقام لي حفل استقبال ضخماً ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة (2)، وعندما عرضوا تلبية كل "أوامري". . طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب ومرغت كرامتهم، ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية. . وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني اليهم قائلة: "إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين".
وبعد عدة أيام عدت الى باريس. . وكنت لا أصدق أن هذه الجنة "إسرائيل" يتربص بها العرب ليدمروها!!
سفر بلا عودة
وفي القاهرة . . كان البحث لا يزال جارياً على أوسع نطاق، والشكوك تحوم حول الجميع، الى أن اكتشف أحد مراقبي الخطابات الأذكياء "من المخابرات المصرية" خطاباً عادياً مرسلاً الى فتاة مصرية في باريس سطوره تفيض بالعواطف من حبيبها. لكن الذي لفت انتباه المراقب الذكي عبارة كتبها مرسل الخطاب تقولن أنه قام بتركيب إيريال الراديو الذي عنده، ذلك أن عصر إيريال الراديو قد انتهى. إذن .. فالإيريال يخص جهازاً لاسلكياً للإرسال والاستقبال.
وانقلبت الدنيا في جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة وعند ضباط البوليس الحربي، وتشكلت عدة لجان من أمهر رجال المخابرات، ومع كل لجنة وكيل نيابة ليصدر الأمر القانوني بفتح أي مسكن وتفتيشه. وكانت الأعصاب مشدودة حتى أعلى المستويات في انتظار نتائج اللجان، حتى عثروا على جهاز الإيريال فوق إحدى العمارات.. واتصل الضباط في الحال باللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية وأبلغوه باسم صاحب الشقة. . فقام بإبلاغ الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الدفاع "قبل أن يصبح مشيراً" الذي قام بدوره بإبلاغ الرئيس السادات.
حيث تبين أن الشقة تخص المقدم فاروق الفقي، وكان يعمل وقتها مديراً لمكتب أحد القيادات الهامة في الجيش، وكان بحكم موقعه مطلعاً على أدق الأسرار العسكرية، فضلاً عن دوره الحيوي في منظمة سيناء
وكان الضابط الجاسوس أثناء ذلك في مهمة عسكرية بعيداً عن القاهرة.
وعندما اجتمع اللواء فؤاد نصار بقائدالضابط الخائن. . "قيل بعد ذلك أنه ضابط كبير له دور معروف في حرب أكتوبر واشتهر بخلافه مع الرئيس السادات حول الثغرة". . رفض القائد أن يتصور حدوث خيانة بين أحد ضباط مكتبه. خاصة وأن المقدم فاروق يعمل معه منذ تسع سنوات، بل وقرر أن يستقيل من منصبه إذا ما ظهر أن رئيس مكتبه جاسوس للموساد.
وعندما دخل الخائن الى مكتبه.. كان اللواء حسن عبد الغني نائب مدير المخابرات الحربية ينتظره جالساً خلف مكتبه بوجه صارم وعينين قاسيتين فارتجف رعباً وقد جحظت عيناه وقال في الحال "هو أنت عرفتوا؟؟".
وعندما ألقى القبض عليه استقال قائده على الفور، ولزم بيته حزيناً على خيانة فاروق والمعلومات الثمينة التي قدمها للعدو.
وفي التحقيق اعترف الضابط الخائن تفصيلياً بأن خطيبته جندته بعد قضاء ليلة حمراء معها .. وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.
وعند تفتيش شقته أمكن العثور على جهاز اللاسلكي المتطور الذي يبث من خلاله رسائله، وكذا جهاز الراديو ونوتة الشفرة، والحبر السري الذي كان بزجاجة دواء للسعال. ضبطت أيضاً عدة صفحات تشكل مسودة بمعلومات هامة جداً معدة للبث، ووجدت خرائط عسكرية بالغة السرية لأحشاء الجيش المصري وشرايينه، تضم مواقع القواعد الجوية والممرات والرادارات والصواريخ ومرابص الدفاعات الهامة.
وفي سرية تامة . . قدم سريعاً للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رمياً بالرصاص.. واستولى عليه ندم شديد عندما أخبروه بأنه تسبب في مقتل العديد من العسكريين من زملائه من جراء الغارات الاسرائيلية. وأخذوه في جولة ليرى بعينه نتائج تجسسه. فأبدى استعداده مرات عديدة لأن يقوم بأي عمل يأمرونه به.
ووجدوا – بعد دراسة الأمر بعناية – أن يستفيدوا من المركز الكبير والثقة الكاملة التي يضعها الاسرائيليون في هذا الثنائي. وذلك بأن يستمر في نشاطه كالمعتاد خاصة والفتاة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه.
وفي خطة بارعة من مخابراتنا الحربية، أخذوه الى فيلا محاطة بحراسة مشددة، وبداخلها نخبة من أذكى وألمع رجال المخابرات المصرية تتولى "إدارة" الجاسوس وتوجيهه، وإرسال الرسائل بواسطة جهاز اللاسلكي الذي أحضرته له الفتاة ودربته عليه. وكانت المعلومات التي ترسل هي بالطبع من صنع المخابرات الحربية، وتم توظيفها بدقة متناهية في تحقيق المخطط للخداع، حيث كانت حرب أكتوبر قد اقتربت، وهذه هي إحدى العمليات الرئيسية للخداع التي ستترتب عليها أمور استراتيجية مهمة بعد ذلك.
لقد كان من الضروري الإبقاء على هبة في باريس والتعامل معها بواسطة الضابط العاشق، واستمر الاتصال معها بعد القبض عليه لمدة شهرين، ولما استشعرت القيادة العامة أن الأمر أخذ كفايته.. وأن القيادة الإسرائيلية قد وثقت بخطة الخداع المصرية وابتلعت الطعم، تقرر استدراج الفتاة الى القاهرة بهدوء.. لكي لا تهرب الى إسرائيل إذا ما اكتشف أمر خطيبها المعتقل.
وفي اجتماع موسع.. وضعت خطة القبض على هبة. . وعهد الى اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر بالتوجه الى ليبيا لمقابلة والدها في طرابلس حيث كان يشغل وظيفة كبيرة هناك. وعرفاه على شخصيتهما وشرحا له أن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية اختطاف طائرة مع منظمة فلسطينية، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها . . وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها، ولمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الارهابية. وطلبا منه أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته حيث أنه مصاب بذبحة صدرية.
أرسل الوالد برقية عاجلة لابنته. . فجاء ردها سريعاً ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس الى باريس. . حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار. . وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها.
ولكي لا تترك المخابرات المصرية ثغرة واحدة قد تكشف الخطة بأكملها. . فقد تم إبلاغ السلطات الليبية بالقصة الحقيقية، فتعاونت بإخلاص مع الضابطين من أجل اعتقال الجاسوسة المصرية. وتم حجز غرفة في مستشفى طرابلس وإفهام الأطباء المسؤولين مهمتهم وما سيقومون به بالضبط.


وبعدما أرسل والدها رداً بعدم استطاعته السفر الى باريس لصعوبة حالته. . صح ما توقعه الضابطان، إذ حضر شخصان من باريس للتأكد من صحة البرقية وخطورة المرض، وسارت الخطة كما هو مرسوم لها، وذهب الاسرائيليان الى المستشفى وتأكدا من الخبر، فاتصلا في الحال بالفتاة التي ركبت الطائرة الليبية في اليوم التالي الى طرابلس. وعلى سلم الطائرة عندما نزلت هبة عدة درجات كان الضابطان المصريان في انتظارها، وصحباها الى حيث تقف الطائرة المصرية على بعد عدة أمتار من الطائرة الليبية. . فسألتهما:
إحنا رايحين فين؟
فرد أحدهما:
المقدم فاروق عايز يشوفك.
فقالت:
هو فين؟.
فقال لها:
في القاهرة.
صمتت برهة ثم سألت:
أمال إنتم مين؟
فقال اللواء حسن عبد الغني:
إحنا المخابرات المصرية.
وعندما أوشكت أن تسقط على الأرض.. أمسكا بها وحملاها حملاً الى الطائرة التي أقلعت في الحال، بعد أن تأخرت ساعة عن موعد إقلاعها في انتظار الطائرة القادمة من باريس بالهدية الغالية.
لقد تعاونت شرطة المطار الليببي في تأمين انتقال الفتاة لعدة أمتار حيث تقف الطائرة المصرية. .وذلك تحسباً من وجود مراقب أو أكثر صاحب الفتاة في رحلتها بالطائرة من باريس.. قد يقدم على قتل الفتاة قبل أن تكشف أسرار علاقتها بالموساد.
وبلا شك. . فاعتقال الفتاة بهذا الأسلوب الماهر جعلها تتساءل عن القيمة الحقيقية للوهم الذي عاشته مع الإسرائيليين. فقد تأكدت أنهم غير قادرين على حمايتها أو إنقاذها من حبل المشنقة. وهذا ما جعلها تعترف بكل شيء بسهولة بالتفصيل. . منذ أن بدأ التحقيق معها في الطائرة بعد إقلاعها مباشرة. وبعد أيام قليلة من اعتقالها تبين لها وللجميع عجز الإسرائيليين عن حماية إسرائيل نفسها وعدم قدرتهم على إنقاذها.
فقد جاءت حرب أكتوبر وتدمير خط بارليف بمثابة الصدمة التي أذهلت أمريكا قبل إسرائيل. فالخداع المصري كان على أعلى مستوى من الدقة والذكاء. وكانت الضربة صائبة إذ أربكت العدو أشلته. . لولا المدد العسكري الأمريكي.. والأسلحة المتطورة.. والصواريخ السرية. . والمعونات. . وإرسال الطيارين والفنيين الأمريكان كمتطوعين .
لقد خسرت إسرائيل في ذلك الوقت من المعركة حوالي مائتي طائرة حربية. ولم تكن تلك الخسارة تهم القيادة الاسرائيلية بقدر ما خسرته من طيارين ذوي كفاءة عالية قتلوا في طائراتهم، أو انهارت أعصاب بعضهم ولم يعودوا صالحين للقتال. ولقد سبب سقوط الطائرات الاسرائيلية بالعشرات حالة من الرعب بعد عدة أيام من بدء المعركة. . الى أن وصلت المعونات الامريكية لإسرائيل في شكل طيارين وفنيين ووسائل إعاقة وتشويش حديثة.
لا أحد يعرف
تبخرت أوهام الجاسوسة هبة سليم. . وأيقنت أنها كانت ضحية الوهم الذي سيطر على فكرها وسرى بشرايينها لمدة طويلة للدرجة التي ظنت أنها تعيش الواقع من خلاله. . لكن.. ها هي الحقائق تتضح بلا رتوش أو أكاذيب.
لقد حكم عليها بالإعدام شنقاً بعد محاكمة منصفة اعترفت صراحة أمامها بجريمتها.. وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها. وتقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة ولكن التماسها رفض.
وكانت تعيش أحلك أيامها بالسجن تنتظر تنفيذ الحكم. . عندما وصل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي – اليهودي الديانة – لمقابلة الرئيس السادات في أسوان في أول زيارة له الى مصر بعد حرب أكتوبر.. وحملته جولدا مائير رسالة الى السادات ترجوه تخفيف الحكم على الفتاة. ومن المؤكد أن كيسنجر كان على استعداد لوضع ثقله كله وثقل دولته خلف هذا الطلب. وتنبه الرئيس السادات الذي يعلم بتفاصيل التحقيقات مع الفتاة وصدور الحكم بإعدامها.. الى أنها ستصبح مشكلة كبيرة في طريق السلام. فنظر الى كيسنجر قائلاً: "تخفيف حكم؟ .. ولكنها أعدمت.. !!".
دهش كيسنجر وسأل الرئيس: "متى.. ؟"
ودون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية قال السادات كلمة واحدة: "النهاردة".
وفعلاً .. تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في أحد سجون القاهرة.
أما الضابط العاشق – المقدم فاروق عبد الحميد الفقي – فقد استقال قائده من منصبه لأنه اعتبر نفسه مسؤولاً عنه بالكامل.
وعندما طلبت منه القيادة العامة سحب استقالته، رفض بشدة وأمام إصرار القيادة على ضرورة سحب استقالته.. خاصة والحرب وشيكة. .اشترط القائد للموافقة على ذلك أن يقوم هو بتنفيذ حكم الإعدام في الضابط الخائن. ولما كان هذا الشرط لا يتفق والتقاليد العسكرية. .وما يتبع في مثل هذه الأحوال. . فقد رفع طلبه الى وزير الدفاع "الحربية" الذي عرض الأمر على الرئيس السادات "القائد الأعلى للقوات المسلحة" فوافق فوراً ودون تردد.
وعندما جاء وقت تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في الضابط الخائن. . لا أحد يعرف ماذا كان شعور قائده وهو يتقدم ببطء. . يسترجع في شريط سريع تسع سنوات مرت عليهما في مكتب واحد. . تسع سنوات كان بعضها في سواد الليل. . وبعضها تتلألأ خلاله ومضات الأمل قادمة من بعيد. . الأمل في الانتصار على اليهود الخنازير القتلة السفاحين.. وبينما كان يخطط لحرب أكتوبر كان بمكتبه هذا الخائن الذي باع الوطن والأمن وقتل بخيانته أبرياء..
لا أحد يعرف ماذا قال القائد له. . وماذا كان رد الضابط عليه. . لا أحد يعرف.
هل طلب منه أن ينطق بالشهادتين، وأن يطلب المغفرة من الله؟. . . لا أحد يعرف.
لكن المؤكد أنه أخرج مسدسه من جرابه. . وصوبه على رأس الضابط وأطلق طلقتين عليه كما تقضي التعليمات العسكرية في حالة إعدام .




يعقوبيان

جاسوس للمخابرات المصرية دوخ الموساد

نتناول هنا رواية إسرائيلية لها حبكتها المخابراتية الخاصة كما رواها يوسي ميلمان أحد المختصين في شئون الجاسوسية الإسرائيلية عن قبورق يعقوبيان المصري الأرمني الذي زرعته المخابرات المصرية في إسرائيل.
ولا نعرف عنه شيئاً سوي أنه عاد إلي مصر يوم 29 مارس 1966 بموجب اتفاقية تبادل أسري أشرفت عليها الأمم المتحدة في حينه.
لا نبغي هنا تصديق الرواية الإسرائيلية عن يعقوبيان، إنما نكتفي بنقلها وتكذيبها طالما أن المخابرات المصرية لم تكشف حتي الآن عن شخصية الرجل.
يروي ميلمان بالمشاركة مع ايتان هابر في كتابهما الجواسيس والصادر عن يديعوت احرونوت في العام 2003، حكاية يعقوبيان كما حصلا عليها من ملفات المخابرات الإسرائيلية وقد خصصا لها فصلاً كاملاً ، تقول الرواية الإسرائيلية عن يعقوبيان أنه ولد في العام 1938 لعائلة أرمنية عاشت في القاهرة وسط البلد، ولم يكن ناجحا في دروسه. أكمل دراسته الثانوية وتوفي والده وهو في العشرين من عمره. تحمّل متاعب الحياة، وعمل في التصوير من الصباح حتي المساء، لكن أجرته كانت بالكاد تكفيه هو وأمه الأرملة، الأمر الذي جعله يستعمل أساليب النصب والاحتيال لكسب المال، وفي النهاية ألقي به في السجن. وحكمت علية المحكمة بالسجن لمدة ثلاثة شهور. وخلال فتره مكوثه في السجن في ديسمبر العام 1959، وبعد أن قضي شهراً في السجن جندته المخابرات المصرية مقابل شطب إدانته، لم تحك له المخابرات المصرية في حينه عن مهماته المستقبلية .. وافق يعقوبيان فوراً وبدون شروط.
إعتبرت المخابرات المصرية يعقوبيان شخصية ملائمة للتجسس في إسرائيل، كانت له قدرة فائقة وموهبة غير عادية في تعلم اللغات، تكلم الانكليزية والفرنسية والعربية والاسبانية والتركية.
تدرب يعقوبيان سنة كاملة لانجاز مهمته، حيث تعلم أسس العمل السرى.
ويصبح يعقوبيان حسب خطة المخابرات المصرية ابن عائلة يهودية جاءت من تركيا إلي اليونان ومن ثم إلي مصر. وفي الشهادات التي استصدرت له كتب أنه من مواليد سالونيكي في اليونان في العام 1935 وأن اسمه هو اسحاق كوتشوك. ترك والده البيت إلي مكان مجهول وسافرت الأم إلي مصر وماتت هناك ليبقي كوتشوك وحيداً.
في ربيع 1961 هاجر كوتشوك-يعقوبيان إلي البرازيل بعد أن انتظر طويلاً. ليصل إلي جينوا عن طريق الإسكندرية ومن هناك أبحر بسفينة كوسان روكي الاسبانية إلي البرازيل. وفي السفينة التقي شابا إسرائيليا يدعي ايلي ارغمان من مستوطنة في النقب.
قدم كوتشوك نفسه لارغمان كيهودي من مواليد تركيا، يتيم بعد أن رحلت أمه من الدنيا، قرر الرحيل ليبني مستقبلاً في إحدي دول أمريكا اللاتينية، بعد أن وصل إلي قناعاته انه لا يوجد مستقبل لليهود في مصر. تصاحب كوتشوك وارغمان وقضيا وقتاً جميلاً علي متن السفينة. وخلال اللقاءات بينهما أخرج كوتشوك -يعقوبيان صورة قبر أمه وكشفها لارغمان، فتعاطف الاخير معه، ولم يكشف كوتشوك لصديقه الجديد عن نواياه السفر لاسرائيل. إذ انتظر الاقتراح من ارغمان وهذا ما حصل فعلاً، فقد قال له هذه فرصة أن تعود إلي أرض الآباء في الذكري ال13 لاستقلال إسرائيل.
هناك في البرازيل واصل الحياة في أوساط الجالية اليهودية وتعرف أكثر علي ارغمان وعندما غادر ارغمان ريو دي جينيرو عائدا إلي إسرائيل، جاء جاكي ليودعه. بعدها التقي يعقوبيان بسالم عزيز السعيد ممثل الغرفة التجارية في مصر والذي كان بالفعل ممثلاً لإدارة المخابرات المصرية، وبناء علي تعليماته غير يعقوبيان عنوانه إلي سان باولو وحصل علي بطاقة هوية برازيلية. وكتب في بطاقة الهوية أن ديانته يهودية، وعاد بعدها إلي ريو ليعمل في ستوديو للتصوير.
أواخر العام 1961 تقدم جاكي كوتشوك بطلب إلي مكاتب الوكالة اليهودية للهجرة إلي إسرائيل. لم يمض وقت طويل ووافقت الوكالة علي طلبه. حزم يعقوبيان أمتعته متوجها إلي جينوا في ايطاليا ليلتقي مرة أخري سالم عزيز السعيد الذي وصل خصيصا من القاهرة. وكانت تنص التعليمات علي أن يعمل يعقوبيان بالتدريج وببطء كي يتجند في الجيش الإسرائيلى.
في نوفمبر العام 1962 تجند جاكي يعقوبيان في صفوف الجيش الإسرائيلى. هناك أرسل إلي سلك النقل، فخاب ظنه، إذ أراد أن ينضم إلي سلاح أكثر أهمية وإفادة لمهمته. تعلم القيادة وأصبح سائقاً شخصياً لضابط كبير برتبة جنرال في قيادة الجيش يدعي شمعيا بكنشتين. كان ينقله من حي افيكا شمال تل ابيب إلي يافا . بعد فترة وجيزة وبالتحديد في اكتوبر من العام 1963 ترك الجيش بعد أن اكتشفت المخابرات المصرية أن مهنته كسائق لهذا الجنرال لا تفيد بشئ. فراح يبحث عن عمل جديد كمصور، وهناك في عسقلان -اشكولون عمل في فوتو موني الذي كان مالكه من أصول مصرية أيضا.
في ديسمبر العام 1963 حضرت الشرطة ومعها وحدة مخابرات خاصة برئاسة ابراهام شالوم الذي أصبح فيما بعد رئيسا للشاباك، أجروا تفتيشاً دقيقاً ووجدوا رسائل كتب عليها بالحبر السري وأقلاماً مخابراتية ترسل الشفرات.
وفي اوائل العام 1964 حكمت المحكمة المركزية في القدس الغربية بالسجن 18 عاماً علي قبورق يعقوبيان. وفي اكتوبر من العام 1965 استأنف للمحكمة العليا وردّت استئنافه. بقي في السجن حتي اوائل 1966 وعاد إلي مصر بموجب اتفاقية تبادل أسري مع إسرائيليين اعتقلتهم مصر بعد أن اجتازوا الحدود.
بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد حاول بعض الصحفيين الإسرائيليين الوصول إلي يعقوبيان ليكشفوا حكايته كما يرويها هو، إلا أن المخابرات المصرية أخفته عن عيونهم ليسدل الستار عليه

أخطر رجال المخابرات المصرية في إسرائيل
إبن إسكندرية المغوار

في صباح يوم 13 يوليو من عام 1956 نشرت صحيفة الأهرام خبرا عابرا يقول : قتل العقيد مصطفى حافظ نتيجة ارتطام سيارته بلغم في قطاع غزة، وقد نقل جثمانه إلى العريش ومن هناك نقل جوا الى القاهرة على الفور، ولم ينس الخبر أن يذكر أنه كان من أبطال حرب فلسطين وقاتل من أجل تحريرها .. لكنه تجاهل تماما انه كان أول رجل يزرع الرعب في قلب اسرائيل.
ومصطفى حافظ رجل مصري من مدينة الأسكندرية التى يحمل أحد ميادينها أسمه الأن، كما أن له نصبا تذكاريا فى غزة تبارى الاسرائيليون في تحطيمه عندما احتلوها بعد هزيمة يونيو 1967.
كان (مصطفى حافظ) مسئولا عن تدريب الفدائيين وارسالهم داخل اسرائيل كما انه كان مسئولا عن تجنيد العملاء لمعرفة مايجري بين صفوف العدو ووراء خطوطه، فقد كان (مصطفى حافظ) باعتراف الاسرائيليين من أفضل العقول المصرية، وهو ماجعله يحظى بثقة الرئيس جمال عبد الناصر فمنحه أكثر من رتبة استثنائية حتى أصبح عميدا وعمره لا يزيد على 34 سنة، كما انه اصبح الرجل القوي في غزة التي كانت تابعة للإدارة المصرية بعد تقسيم فلسطين في عام 1947.
وبرغم السنوات الطويلة التى قضاها مصطفى حافظ فى محاربة الإسرائيليين الا انه لم يستطع رجل واحد في كافة أجهزة المخابرات الاسرائيلية أن يلتقط له صورة من قريب او من بعيد، لكن برغم ذلك سجل الإسرائيليون في تحقيقاتهم مع الفدائيين الذين قبضوا عليهم انه رجل لطيف يثير الاهتمام والاحترام ومخيف في مظهره وشخصيته.
وكانت هناك روايات أسطورية عن هروبه الجريء من معتقل أسرى اسرائيلي اثناء حرب 1948، وقد عين في منصبه في عام 1949 وكانت مهمته ادارة كافة عمليات التجسس داخل اسرائيل والاستخبارات المضادة داخل قطاع غزة والاشراف على السكان الفلسطينيين، وفي عام 1955 أصبح مسئولا عن كتيبة الفدائيين في مواجهة الوحدة رقم 101 التي شكلها في تلك الأيام اريل شارون للاغارة على القرى الفلسطينية والانتقام من عمليات الفدائيين ورفع معنويات السكان والجنود الإسرائيليين، وقد فشل شارون فشلا ذريعا في النيل منه ومن رجاله وهو ما جعل مسئولية التخلص منه تنتقل الى المخابرات الاسرائيلية بكافة فروعها وتخصصاتها السرية والعسكرية.
كان هناك خمسة رجال هم عتاة المخابرات الاسرائيلية في ذلك الوقت عليهم التخلص من مصطفى حافظ على رأسهم (ر) الذي كون شبكة التجسس في مصر المعروفة بشبكة "لافون" والتي قبض عليها في عام 1954 وكانت السبب المباشر وراء الاسراع بتكوين جهاز المخابرات العامة في مصر.
والى جانب (ر) كان هناك ضابط مخابرات اسرائيلي ثان يسمى "أبو نيسان" وأضيف لهما "أبو سليم" و"اساف" و"أهارون" وهم رغم هذه الأسماء الحركية من أكثر ضباط الموساد خبرة بالعرب وبطباعهم وعاداتهم وردود أفعالهم السياسية والنفسية.
ويعترف هؤلاء الضباط الخمسة بأنهم كانوا يعانون من توبيخ رئيس الوزراء في ذلك الوقت ديفيد بن جوريون أول رئيس حكومة في اسرائيل والرجل القوي في تاريخها، وكانت قيادة الأركان التي وضعت تحت سيطرة موشى ديان أشهر وزراء الدفاع في إسرائيل فيما بعد في حالة من التوتر الشديد.
وكان من السهل على حد قول ضباط المخابرات الخمسة التحدث إلى يهوه (الله باللغه العبريه) في السماء عن التحدث مع موشى ديان خاصة عندما يكون الحديث عن براعة مصطفى حافظ في تنفيذ عملياته داخل اسرائيل ورجوع رجاله سالمين الى غزة وقد خلفوا وراءهم فزعا ورعبا ورغبة متزايدة في الهجرة منها.
وكان الحل الوحيد أمام الأجهزة الاسرائيلية هو التخلص من مصطفى حافظ مهما كان الثمن.
ووضعت الفكرة موضع التنفيذ ورصد للعملية مليون دولار، وهو مبلغ كبير بمقاييس ذلك الزمن، فشبكة "لافون" مثلا لم تتكلف أكثر من 10 آلاف دولار، وعملية اغتيال المبعوث الدولي الى فلسطين اللورد برنادوت في شوارع القدس لم تتكلف أكثر من 300 دولار.
كانت خطة الاغتيال هي تصفية مصطفى حافظ بعبوة ناسفة تصل اليه بصورة أو بأخرى، لقد استبعدوا طريقة اطلاق الرصاص عليه، واستبعدوا عملية كوماندوز تقليدية، فقد فشلت مثل هذه الطرق في حالات أخرى من قبل، وأصبح السؤال هو: كيف يمكن ارسال ذلك "الشئ" الذي سيقتله اليه ؟.
في البداية فكروا في ارسال طرد بريدي من غزة لكن هذه الفكرة أسقطت إذ لم يكن من المعقول أن يرسل طرد بريدي من غزة الى غزة، كما استبعدت ايضا فكرة ارسال سلة فواكه كهدية إذ ربما ذاقها شخص آخر قبل مصطفى حافظ.
وأخيرا وبعد استبعاد عدة أفكار أخرى بقيت فكرة واحدة واضحة هي: يجب أن يكون "الشئ" المرسل مثيرا جدا للفضول ومهما جدا لمصطفى حافظ في نفس الوقت كي يجعله يتعامل معه شخصيا، شئ يدخل ويصل اليه مخترقا طوق الحماية الصارمة الذي ينسجه حول نفسه.
وبدأت الخطة تتبلور نحو التنفيذ، إرسال ذلك "الشئ" عن طريق عميل مزدوج وهو عميل موجود بالفعل ويعمل مع الطرفين، انه رجل بدوي في الخامسة والعشرين من عمره يصفه أبونيسان بأنه نموذج للخداع والمكر، كان هذا الرجل يدعى "طلالقة". لم يكن يعرف على حد قول ضابط الموساد أن مستخدميه من الإسرائيليين.
وبعد أن استقر الأمر على إرسال (الشئ) الذي سيقتل مصطفى حافظ بواسطة (طلالقة) بدأ التفكير في مضمون هذا الشئ، واستقر الرأى على أن يكون طردا بريديا يبدو وكأنه يحتوي على (شئ مهم) وهو في الحقيقة يحتوي على عبوة ناسفة.
ولم يرسل الطرد باسم مصطفى حافظ وانما أرسل باسم شخصية سياسية معروفة في غزة وهو بالقطع ما سيثير (طلالقة) فيأخذه على الفور إلى مصطفى حافظ الذي لن يتردد فضوله في كشف ما فيه لمعرفة علاقة هذه الشخصية بالإسرائيليين، وفي هذه اللحظة يحدث ما يخطط له الإسرائيليون وينفجر الطرد في الهدف المحدد.
وتم أختيار قائد شرطة غزة (لطفي العكاوي) ليكون الشخصية المثيرة للفضول التي سيرسل الطرد باسمها، وحتى تحبك الخطة أكثر كان على الإسرائيليين أن يسربوا الى (طلالقة) إن (لطفي العكاوي) يعمل معهم بواسطة جهاز اتصال يعمل بالشيفرة، ولأسباب أمنية ستتغير الشيفرة، أما الشيفرة الجديدة فهي موجودة في الكتاب الموجود في الطرد المرسل اليه والذي سيحمله (طلالقة) بنفسه.
وأشرف على تجهيز الطرد (ج) عضو (الكيبوتس) في المنطقة الوسطى، وقد اكتسب شهرة كبيرة في اعداد الطرود المفخخه وكان ينتمي إلى منظمة ارهابية تسمى (أيستيل) كانت هي ومنظمة ارهابية أخرى اسمها (ليحي) تتخصصان في إرسال الطرود المفخخه إلى ضباط الجيش البريطاني أثناء احتلاله فلسطين لطردهم بعيدا عنها.
مصطفى حافظ
وأصبح الطرد جاهزا وقرار العملية مصدق عليه ولم يبق سوى التنفيذ، وتم نقل الطرد إلى القاعدة الجنوبية في بئر سبع وأصبح مسئولية رئيس القاعدة أبونيسان الذي يقول: "طيلة اليوم عندما كنا جالسين مع (طلالقة) حاولنا اقناعه بأننا محتارون في أمره، قلنا أن لدنيا مهمة بالغة الأهمية لكننا غير واثقين ومتأكدين من قدرته على القيام بها، وهكذا شعرنا بأن الرجل مستفز تماما، عندئذ قلنا له: حسنا رغم كل شئ قررنا تكليفك بهذه المهمة، اسمع يوجد رجل مهم جدا في قطاع غزة هو عميل لنا هاهو الكارت الشخصي الخاص به وها هو نصف جنيه مصري علامة الاطمئنان الينا والى كل من نرسله اليه والنصف الآخر معه أما العبارة التي نتعامل بها معه فهي عبارة: (أخوك يسلم عليك)!.
ويتابع ضابط المخابرات الاسرائيلي: كنا نواجه مشكلة نفسية كيف نمنع طلالقة من فتح الطرد قبل أن يصل الى الهدف ؟ وللتغلب على هذه المشكلة أرسلنا أحد الضباط الى بئر سبع لشراء كتاب مشابه أعطاه لـ (طلالقة) قائلا: (هذا هو كتاب الشيفرة يحق لك تفقده ومشاهدته وبعد أن شاهده أخذه منه وخرج من الغرفة وعاد وبيده الكتاب الملغوم وسلمه له لكن (طلالقة) لعب اللعبة بكل برود على الرغم من بريق عينيه عندما تساءل: ولكن كيف ستعرفون أن الكتاب وصل؟ وكانت الإجابه: ستأتينا الرياح بالنبأ.
وفهم (طلالقة) من ذلك أنه عندما يبدأ (لطفي العكاوي) بالارسال حسب الشيفرة الجديدة سيعرف الاسرائيليون انه نفذ المهمة وعندما حل الظلام خرج أحد رجال المخابرات الاسرائيلية المسئولين عن العملية ومعه (طلالقة) وركب سيارة جيب ليوصله الى أقرب نقطة على الحدود وهناك ودعه واختفى (طلالقة) في الظلام لكن كان هناك من يتبعه ويعرف انه يأخذ طريقه إلى غزة.
وفي رحلة عودته الى غزة كان الشك يملأ صدر (طلالقة).. وراح يسأل نفسه: كيف يكون (العكاوي) أقرب المساعدين الى مصطفى حافظ عميلا إسرائيليا؟، وفكر في أن يذهب أولا الى (العكاوي) لتسليمه ما يحمل وبالفعل ذهب الى منزله فوجده قد تركه الى منزل جديد لا يعرف عنوانه واحتار ما الذي يفعل؟ ثم حزم أمره وتوجه الى منطقة الرمال في غزة حيث مقر مصطفى حافظ.
وحسب ماجاء في تقرير لجنة التحقيق المصرية التى تقصت وفاة مصطفى حافظ بأمر مباشر من الرئيس جمال عبد الناصر فإنه في 11 يوليو عام 1956 في ساعات المساء الأخيرة جلس مصطفى حافظ على كرسي في حديقة قيادته في غزة وكان قد عاد قبل يومين فقط من القاهرة، كان يتحدث مع أحد رجاله والى جانبه الرائد فتحي محمود وعمر الهريدي وفي نفس الوقت وصل اليهم (طلالقة) الذي سبق أن نفذ ست مهام مطلوبة منه في اسرائيل.
وقابله مصطفى حافظ وراح يروى له ماعرف عن (العكاوي)، وهو ما أزعج مصطفى حافظ الذي كان يدافع كثيرا عن (العكاوي) الذي اتهم أكثر من مرة بالاتجار في الحشيش، لكن هذه المرة يملك الدليل على ادانته بما هو أصعب من الحشيش؛ التخابر مع اسرائيل.
وقرر مصطفى حافظ أن يفتح الطرد ثم يغلقه من جديد ويرسله إلى (العكاوي)، أزال الغلاف دفعة واحدة عندئذ سقطت على الأرض قصاصة ورق انحنى لإلتقاطها وفي هذه الثانية وقع الانفجار ودخل الرائد فتحي محمود مع جنود الحراسة ليجدوا ثلاثة أشخاص مصابين بجروح بالغة ونقلوا فورا الى مستشفى تل الزهرة في غزة.
وفي تمام الساعة الخامسة صباح اليوم التالي إستشهد مصطفى حافظ متأثرا بجراحه، وبقى الرائد عمر الهريدي معاقا بقية حياته بينما فقد (طلالقة) بصره، وأعتقل (العكاوي) لكن لم يعثروا في بيته على ما يدينه.
وبرغم مرور هذة السنين مازال يصر الإسرائيليون على أنهم لم ينفذوا مثل هذه العملية ابدا، وبقيت أسرارها مكتومة هنا وهناك إلى أن كشفها الكاتب الإسرائيلي " يوسف أرجمان" مؤخرا فى كتاب يحمل إسم "ثلاثون قضية استخبارية وأمنية في اسرائيل"، والذي لا نعرف هل ماذكره حقيقة أم خيال.
بقى ان نعرف إن الاسرائيليين عندما احتلوا غزة بعد حرب يونيو وجدوا صورة مصطفى حافظ معلقة في البيوت والمقاهي والمحلات التجارية وأنهم كان يخلعونها من أماكنها ويرمونها على الأرض ويدوسون عليها بالأقدام، وكان الفلسطينيون يجمعونها ويلفونها في أكياس كأنها كفن ويدفنونها تحت الارض وهم يقرآون على روح صاحبها الفاتحة فهم لا يدفنون صورة وإنما يدفنون كائنا حيا




المخابرات عند المصريين القدامى


لقد أبدع المصريون القدامى في مجال الاستخبارات احتوت على أعمال عظيمة في الاستخبارات ففي سنة 3400 ق.م – 3600ق.م استطاع احد ضباط الاستخبارات المصرية القدامى يدعى ( توت ) ان يرسل مائتي جندي مسلحين ضمن أكياس القمح على ظهر مركب الى مدينة يافا التي كانت محاصرة من قبل المصريين و لما استقر المركب في الميناء خرج الجنود و استولوا على المدينة ثم قاموا بتسليمها الى الجيش المصري المرابط ولم يكن من المستطاع لهذا الجيش ان يدخل المدينة لولا جهود رجال الاستخبارات المصرية الذين تمكنوا من دخولها و هم متخفون داخل أكياس القمح.

*في تاريخ المخابرات:-

كانت مصادر المعلومات في قديم الزمان فيما كان الانسان يؤمن بتدخل القوى الخارقة للطبيعة في شؤون الناس تتشكل من الكهنة والعرافين والسحرة و كانوا يوهمون الناس بأنهم على صلة بالآلهة حتى يحصلوا منهم على معلومات و كان الإنسان يلجأ اليها لمعرفة قصدها عن طريق السحر، والمعرفة وكذلك عن طريق النجوم والأحلام ومن ثم انتشرت الكهانة في الديانات القديمة وصار رجال الدين مصدر للتنبؤات التي تستهدف حل مشاكل الإنسان.

*الكتابة المصرية القديمة (الهيورغليفية) كانت أصعب كود، احتار العلماء في حله، وهي مكتوبة على جدران المعابد المصرية التي تنطق بآلاف الرسائل حول الاستخبارات و المعلومات




__________________


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


من اهم مواضيعى

مصر بلد الوحوش
http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4


حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010

http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013


صور مضحكة من مصر !!!!!
http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756

لا اله الا الله محمد رسول الله
رد مع اقتباس