مصر موتورز مجتمع السيارات - التحايل "الاخوانى"!!

أيها الإخوان: بيدكم لا بيد طنطاوى

عماد الدين حسين

أكره كلمة «تاريخية» عندما يتم إلحاقها بكل حدث حتى لو كان لقاء كرويًا بين إنبى وأحد فرق كينيا بكأس الكونفيدرالية، لكن يبدو لى أننا نعيش فعلا لحظة تاريخية الآن، لأنه بناء على ما سيحدث فيها سيتقرر شكل الحياة فى مصر لسنوات طويلة.

التيار الإسلامى خصوصا الإخوان المسلمين يتحملون مسئولية ضخمة فى هذه الأيام، وبناء على ما سيتخذونه من قرارات فإن التاريخ إما أن يشيد بهم أو يسجل عنهم إنهم أضاعوا فرصة ثمينة قد لا تتكرر مرة أخرى.

تستطيع الهيئات القيادية فى الإخوان من مجلس شورى إلى مكتب إرشاد إلى الهيئة العليا أن تجلس فورا وتتخذ قرارا واحدا، وهو الخروج إلى الشعب المصرى ببيان قصير للغاية خلاصته: «قررنا إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور بعد صدور الحكم المبدئى للقضاء الإدارى ظهر الثلاثاء الماضى».

مرة أخرى إذا الإخوان اتخذوا هذه الخطوة فذلك ليس دليل ضعف أو رضوخا لأحد، بل علامة قوة، والأهم علامة على تحمل المسئولية. سوف يكبرون فى عيون أنصارهم، والأهم فى عيون منافسيهم ومنتقديهم.. لكن الأكثر أهمية أن مثل هذه الخطوة سوف توجه أكبر لطمة للفلول وستسحب المبادرة من أيديهم. إحدى الفوائد الاستراتيجية لمثل هذا القرار أيضا أنها ستعيد التنسيق بين التيار الإسلامى ونظيره الليبرالى فى كل المسائل الكبرى من كتابة الدستور إلى الاتفاق على مرشح توافقى للرئاسة يقطع الطريق على فوز أى من رموز عهد حسنى مبارك.

الخيار الكارثى الثانى أن يركب الإخوان رأسهم، ويتصرفوا بطريقة «سيد قراره»، ويدخلوا فى متاهات قانونية من أول الطعن على الحكم عبر الهيئات القانونية فى مجلس الشعب، مرورا بالالتفاف عليه نهاية بإعادة تشكيل اللجنة، بحيث تعيد إنتاج نفسها ولا تمثل كل طوائف وأطياف المجتمع.

فى هذه الحالة قد لا نفاجأ أن يقوم المشير حسين طنطاوى بإصدار إعلان دستورى تكميلى ــ كما يتوقع خبراء قانونيون ــ يعدل بموجبه المادة 60 بحيث تنص على معايير وإجراءات وضوابط تشكيل اللجنة التأسيسية بصورة حاسمة لا لبس فيها.

إذا حدث ذلك فإنه يكرس للأبد الفرقة بين شركاء الثورة من جهة، ويجعل جزءا كبيرا من التيار الليبرالى مدينا بالفضل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وهو ما يعنى شيئا واحدا أننا سندخل السنوات المقبلة بانقسام عميق بين القوى السياسية الرئيسية، سيكون المستفيد الأكبر منه هو كل كارهى الثورة على اختلاف أطيافهم.

الحكم الذى صدر يوم الثلاثاء ــ وبعيدا عن الجدل حول تفسيره ومصيره النهائى فى الإدارية العليا ــ يوفر للإخوان المسلمين والسلفيين فرصة ممتازة ونادرة كى ينزلوا من «الشجرة العالية» التى تسلقوها دون أن يوفروا سلما للنزول قبل صعودها.

بإمكانهم أن يبرهنوا أولا على احترامهم لأحكام القضاء، وثانيا للعودة إلى التوافق، وثالثا لمنع إجهاض الثورة ورابعا للتنسيق من أجل الحفاظ على منصب رئيس الجمهورية لأحد المتعاطفين مع الثورة وليس أحد كارهيها.

يا أيها الإخوان إما أن تأخذوا المبادرة بأيديكم وتكسبوا ثقة الجميع، أو تتركوها للمشير حسين طنطاوى، ووقتها لا تلوموا إلا أنفسكم، ولا تسألوا لماذا انقلب الناس بمثل هذه السرعة على الإخوان والسلفيين، بل وعلى الثورة نفسها.

الكرة ما تزال فى الملعب، ونراهن على العقلاء الكثيرين داخل جماعة الإخوان.. فماذا أنتم فاعلون؟!