مصر موتورز مجتمع السيارات

مصر موتورز مجتمع السيارات (https://www.masrmotors.com/vb/index.php)
-   ثورة الحرية 25 يناير (https://www.masrmotors.com/vb/forumdisplay.php?f=177)
-   -   التحايل "الاخوانى"!! (https://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=77806)

silverlite 01-09-2012 09:35 AM

رد: التحايل "الاخوانى"!!
 
http://a5.sphotos.ak.fbcdn.net/hphot...05967590_n.jpg

silverlite 01-09-2012 10:11 AM

رد: التحايل "الاخوانى"!!
 
سيد قطب.. المفكر الإخواني على مشانق العسكر


http://www.almasryalyoum.com//sites/...1/228/qutb.jpg


باهي حسن

قبل 46 عاما، في 29 أغسطس 1966، رحل الكاتب والمنظر الإسلامي سيد قطب، العضو السابق بمكتب إرشاد الإخوان المسلمين، والرئيس السابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة، بعدما صدر حكم بإعدامه شنقا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، بعدما كان أحد الكتاب المؤيدين لثورة 23 يوليو.
ولد «قطب» في قرية «موشة» إحدى قرى محافظة أسيوط، وحصل على الشهادة الابتدائية من قريته، وبعد إتمام حفظ القرآن الكريم التحق بمدرسة المعلمين الأولية بالقاهرة، وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية دار العلوم.
عمل سيد قطب مفتشا بالتعليم الابتدائي في عام 1944م حيث عمل مدرسا ست سنوات، ثم سنتين في وزارة المعارف بوظيفة مراقب مساعد بمكتب الوزير إسماعيل القباني، وبسبب خلافات مع رجال الوزارة قدم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية.
انضم إلى حزب الوفد لسنوات طويلة ثم تركه على إثر خلاف في عام 1942م، وأعجب سيد قطب بأدب عباس العقاد، ولكنه لم يجد ضالته، فحدد وجهته للأدب الإسلامي، إلى أن صار رائد الفكر الحركي الإسلامي، المعروف بها الآن.
«قطب» أحد الكتاب المؤيدين لثورة 23 يوليو 1952، والداعمين لها، وكان يحضر اجتماعات مجلس قيادة الثورة، حتى استقال ورفض الحضور لأسباب رآها تتنافى مع مبادئ الثورة وأهدافها.
انضم سيد قطب لجماعة الإخوان المسلمين في عام 1950، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما حاول الإخوان المسلمين استقطاب المثقفين وكان لسيد قطب مشروع إسلامي يعتقد فيه بأنه:«لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص».
وكانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هو كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء:«الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدا كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون»، وحاول «عبد الناصر» منعه من الانضمام للإخوان المسلمين، وعرض عليه تولى وزارة المعارف ولكنه رفض.
ويعتبر «قطب» من أوائل منظري فكر السلفية الجهادية، منذ ستينيات القرن العشرين، استنادا إلى بعض توجهات الإخوان المسلمين ونشأة التنظيم الخاص للجماعة.
في يوم 30 يوليو 1965م ألقت الشرطة القبض على شقيق سيد محمد قطب وقام سيد بإرسال رسالة احتجاج للمباحث العامة بتاريخ 9 أغسطس 1965م، أدت تلك إلى إلقاء القبض على سيد والكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحُكمعليه بالإعدام مع 6 آخرين وتم تنفيذ الحكم فجر الاثنين29 أغسطس 1966.
يوجه العديد من الكتاب والمؤلفين ورجال الدين الإسلامي، انتقادات كثيرة لكتابات وأفكار سيد قطب، خاصة تلك التي تكفر المجتمعات في فهمهما القاصر ومن بين من انتقدوا أفكاره التكفيرية الشيخ يوسف القرضاوي الذي ذكر خلال حوار تلفزيوني خروج سيد قطب عن أهل السنة والجماعة بوجه عام، فأهل السنة والجماعة يقتصدون في عملية التكفير حتى مع الخوارج، مؤكداًأن قطب أخطأ في تكفير جموع المسلمين والحكام والأنظمة، مضيفاًأنه يتحمل بعض المسؤولية عن تيار التكفير مثله كشكري مصطفى الذي كفر المسلمين عدا جماعته وهو قائد جماعة التكفير والهجرة التي تعتزل المجتمعات بإثرها.
في حين يرى أخرين، أن سيد قطب استخدم لفظ الجاهلية في وصف المجتمعات الإسلامية ولم يستخدم لفظ الكفر ولم يصرح بتكفير فرد أو مجتمع.

silverlite 01-09-2012 10:17 AM

رد: التحايل "الاخوانى"!!
 
سيد قطب.. المواجهة بين العصبة المؤمنة وجاهلية القرن العشرين


تامر وجيه

سيظل سيد قطب (1906-1966)، بإسهاماته التي ملأت السمع والبصر، حيا في تاريخ الفكر والسياسة المصريين. فقبل انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، كان الرجل شاعرا مجيدا وناقدا أدبيا ومصلحا اجتماعيا ومفكرا إسلاميا يشار له بالبنان. لكن الأكيد أن المحاولة، المجهضة، التي حاولها لإحداث إنقلاب في فكر جماعة الإخوان المسلمين السياسي تعد أخطر عمل قام به في حياته، فأثر قدر ما أثر على مستقبل الحركات الإسلامية في مصر، بل في العالم الإسلامي جميعه.
النشأة
هناك قدر واضح من التشابه بين حياتي سيد قطب وحسن البنا. فالرجلان ولدا في عام واحد. كذلك، فإنهما، شأنهما في ذلك شأن الكثيرين من متعلمي جيلهما، ينحدران من أصول ريفية، وإن كان البنا ترجع أصوله إلى الدلتا بينما قطب من مواليد قرية موشا بمديرية أسيوط. وكما الحال بالنسبة للبنا، فإن قطب قد نزح إلى القاهرة لتلقي تعليمه حتى تخرج في كلية دار العلوم وعمل مدرسا في المدارس التحضيرية والابتدائية.
لكن برغم هذه السلسلة من التشابهات في النشأة والتعليم، يمكننا القول أن الرجلين كانا على طرفي نقيض في الروح والتطلعات. ففي مقابل الحس العملي والزعامة الجماهيرية للبنا، كان قطب يمتلك روح فنان مثقف لا تتواءم مع العمل التنظيمي أو تتكيف مع التحريض الجماهيري.
قبل انتمائه إلى الإخوان المسلمين في 1953، قضى قطب سنينا حوالي عشر سنوات كمثقف مستقل يبلور مواقفه الفكرية ويقترب شيئا فشيء من التصور الإسلامي الذي اعتبره منذ البداية نقيضا للمشروع الغربي بلا إنسانيته وتضييعه للعدالة الاجتماعية. ومع عودته من الولايات المتحدة في مطلع الخمسينيات، بعد بعثة لمدة عام قضاها هناك، كان قد حسم توجهه الإسلامي-الإخواني تماما. وهو ما دعاه، بعد فترة من التقارب، إلى الانضمام إلى جماعة الإخوان كرئيس لقسم نشر الدعوة.
كان قطب قد اقترب كثيرا من ثورة يوليو في أيامها الأول. وتكثر الأقاويل في هذا الشأن. لكن الأكيد أنه قد بارك الثورة ووصف الضباط الأحرار بأنهم "مثل نادرة في تاريخ البشرية كلها" مؤكدا أنهم "طهروا الوادي وكرموه".
لكن قبيل انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، كانت علاقة قطب قد ساءت بالثورة إلى حد التشهير بعلاقة قادتها بالولايات المتحدة والتوجس من مواقفهم السياسية عامة. وعلى كل الأحوال، فإن القدر لم يمهل الرجل كثيرا بعد انتمائه للإخوان، إذ تسارعت الأحداث وتفاقمت الأزمة بين الجماعة والثورة إلى أن وصلت إلى ذروتها الدرامية في أحداث المنشية في 26 أكتوبر 1954، حين حاول أحد أعضاء الإخوان اغتيال عبد الناصر بينما كان الأخير يلقي خطابا مذاعا على الهواء.
على إثر حادث المنشية، وبالرغم من نفي جماعة الإخوان ضلوعها فيه، تم حل الجماعة وفُتحت أبواب سجون عبد الناصر لآلاف من أعضائها، ومعهم سيد قطب الذي قضى عشر سنوات في معتقل طرة في جنوب القاهرة، أغلبها في مستشفى السجن نظرا لمرضه بالسل.
الحاكمية
وفي سنوات السجن - المحنة الثانية في تاريخ الإخوان بعد محنة حل الجماعة ثم اغتيال البنا في أواخر الأربعينيات - عمل قطب على إحداث تطوير جذري في الاستراتيجيات التي كان قد تبناها البنا خلال العقود السابقة. كذلك فهو أحدث قطعا هاما مع فكره السابق هو نفسه، والذي ركز بالأساس على قضية العدالة الاجتماعية والوجه الاقتصادي التقدمي للإسلام، الذي يمثل في رأيه النظام القادر على بناء "المجتمع المتوازن" في مواجهة كل من الشيوعية والرأسمالية.
وبالقطع، فإن القضية التي شغلت بال قطب أكثر من غيرها هي الفشل الذريع للمنهاجية التدرجية الإصلاحية التي اتبعها البنا، والتي قامت على غزو المجتمع من أسفل بالتربية الاجتماعية والثقافية إلى حين تأسيس المجتمع ثم الدولة ثم الحكومة الإسلامية.
لم يكن ما وصل إليه قطب، كما صاغه في كتابه الأشهر "معالم على الطريق"، أقل من انقلاب جذري خطير في المفاهيم؛ انقلاب قضى على حرية الإنسان ووضعه في عداء مع مجتمعه وأعاد السياسة (أي الصراع على سلطة الدولة) إلى جوهر الصورة بشكل غير مسبوق في تاريخ الفكر الإسلامي المصري، وإن كانت له سوابق في الفكر الإسلامي الحديث عند الباكستاني أبو الأعلى المودودي.
على يد قطب تم الدمج الكامل، إلى حد التطابق، بين الفكرة الإسلامية والسياسة (أي الحكم). فلا الفرد المسلم ولا المجتمع المسلم هما أهم أركان الفكرة الإسلامية. ذلك أن مناط تلك الفكرة وموضع تحققها في المجتمع البشري هو حاكمية الله وعبودية الإنسان. وهو ما يعني تحكيم شريعة الله في المجتمع، بحيث لا تخرج الأوامر والنواهي والتكاليف والتوجيهات عن شريعة الله كما نُزّلت في القرآن ومورست في السنة المحمدية. كتب قطب: "ينبغي أن يكون مفهوما لأصحاب الدعوة الإسلامية أنهم حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين، يجب أن يدعوهم أولا إلى اعتناق العقيدة - حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون - يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو (أولا) إقرار عقيدة (لا إله إلا الله) بعدلها الحقيقي، وهو رد الحاكمية لله في أمرهم كله، وطرد المعتدين على سلطان الله بادعاء هذا الحق لأنفسهم، إقرارها في ضمائرهم وشعائرهم، وإقرارها في أوضاعهم وواقعهم."
وعلى هذا الأساس، ولأن المجتمع المسلم هو الذي يُحكم بالشريعة وليس الذي يتكون من أفراد مسلمين، وصل قطب إلى نتيجة خطيرة هي أن المجتمع المعاصر جاهلي: "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم . كل ما حولنا جاهلية. تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم. حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميا، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية."
أما إستراتيجية محاربة جاهلية القرن العشرين، فتبدأ وتنتهي عند قطب من "العصبة المسلمة" أو "العصبة المؤمنة"، وهي الجماعة من المؤمنين المتبنين بشكل كامل لفكرة ومنهاج حاكمية الله، وهم بالضرورة أقلية في المجتمع الجاهلي. إذ لابد أن تعيش تلك العصبة المؤمنة حالة من العزلة الشعورية تنفصل من خلالها نهائيا عن بيئتها الجاهلية وتتصل نهائيا ببيئتها الإسلامية. ثم يتوجب على تلك العصبة المؤمنة، عند نقطة معينة من التمكين، أن تمارس الجهاد لتحقيق حاكمية الله على الأرض. وهو ما يعني، عمليا، الاستيلاء على سلطة الدولة كنقطة بداية لبناء المجتمع الإسلامي الحقيقي.
جذور
لقيت هذه الفكرة الراديكالية هوى في نفوس عدد من شباب وقواعد الإخوان المسلمين في السجون. ويرجع هذا إلى أسباب أهمها ما أثبتته التجربة من فشل في منهج التدرج. حيث ظهر للإخوان بثمن فادح أن انتشار الدعوة الإسلامية من أسفل وتسربها إلى قلوب الأفراد في المجتمع دون السعي إلى الاستيلاء على السلطة الدولة يعرّض الحركة الإسلامية، المحرومة من مصادر القوة، إلى الإقصاء والتنكيل والتصفية.
لكن لابد أن نضيف هنا أن الأفكار المتشددة، من هذا النوع أو ذاك، لها جذور في تاريخ الإخوان. ذلك أن غموض الرؤية السياسية للبنا قد جعل من الجماعة بيتا لتيارات متلاطمة بين يمين ووسط ويسار.
فعلى خلفية غموض الرؤية ظهرت في الجماعة منذ سنواتها الأولى تيارات راديكالية اتهم بعضها البنا بالتفريط والميوعة في المواقف، وسعى بعضها الآخر إلى استخدام العنف كوسيلة أساسية لتحقيق الغايات. كان أول هذه التيارات ذلك الذي قاده في منتصف الثلاثينيات أحمد رفعت الذي عارض سلطة المرشد الأول وانتقد بعنف مهادنة الإخوان للسلطة ومواقفها المائعة من القضية الفلسطينية. ثم في أواخر الأربعينيات، ظهر أن "التنظيم الخاص" أو "الجهاز السري"، الذي أنشأه البنا بنفسه ليمارس بعض العمليات الجهادية، قد خرج عن السيطرة وبدأ يتوسع في عملياته العنيفة خارج أوامر البنا.
القطبيون
على أن الجديد في سنوات المحنة الثانية هو أن بيئة سجون عبد الناصر، على خلفية التعذيب البشع الذي مورس ضد الإخوان، قد ألهبت صدور الشباب الإخواني ودفعته دفعا إلى مراجعة الإستراتيجية التدريجية السلمية.
فكان فكر قطب هو ضالتهم بعضهم المنشودة التي وضعت مشاعرهم الغاضبة في إطار فقهي إيماني محكم وحررتهم من قيود النظرة العملية النفعية التي وضع أسسها حسن البنا بمنظوره التدرجي الإصلاحي.
وهكذا التقى فكر قطب في منتصف الستينيات مع جسد تنظيمي جديد يحاول أن يجد لنفسه طريقا في مواجهة البطش الناصري. يحكي المؤرخ شريف يونس أنه في 1963، وصلت كتابات سيد قطب إلى اثنين من قيادات تنظيم سري للإخوان خارج السجون. وبحلول عام 1964، تكونت مجموعة من قادة شباب الإخوان، تدعو للفكر القطبي نجحت في اجتذاب غالبية مسجوني سجن القناطر الشباب، فتوسع التنظيم ليضم أكثر من مائتي شخص. ومع خروج قطب من السجن في مطلع 1965 تولي قيادة التنظيم الناشئ على غير علم من قيادات جماعة الإخوان.
كان من المتوقع أن يضم هذا التنظيم الناشئ، إن تُركت له الفرصة، آلافا من شباب الإخوان وغيرهم من الذين فجعوا في دينهم وجماعتهم على يد الشمولية الناصرية التي سخرت من قادتهم ونكلت برموزهم. وكانت تصور قطب نفسه أن ما يقوم به هو إعادة تسليح فكري لجماعة الإخوان المسلمين، وليس انشقاقا على الجماعة.
لا أحد يعلم ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن "التنظيم القطبي" قد حقق نجاحا وانتشارا. هل كنا سنشهد إخوانا مسلمين غير الذين عرفناهم ونعرفهم؟ هل كان الإخوان سيصبحون التنظيم الجهادي الأول والأكبر في العالم الإسلامي؟
لا أحد يعلم ماذا كان يمكن أن يحدث. لكن ما نعلمه هو ما حدث بالفعل. فقد أجهضت الدولة التنظيم الجديد قبل أن يتبلور تنظيميا أو حتى تتمكن الأفكار القطبية من عقول أعضائه، ولم تمهله أكثر من شهور قليلة بعد خروج قائده من السجن. ففي أغسطس 1965، تم القبض على أعضاء التنظيم وأودعوا السجن ومعهم سيد قطب الذي حكم عليه بالإعدام ونفذ الحكم في يوم التاسع والعشرين من أغسطس 1966.
على أن إعدام قطب لم يضع نهاية للقصة. فبينما كان رجال عبد الناصر يبحثون وجلين في الأسباب التي أدت إلى إحياء جماعة الإخوان على يد "التنظيم القطبي" بعد أن ظنوا أنهم نجحوا في اجتثاثها اجتثاثا، كانت أفكار قطب تجد طريقها إلى الانتشار بحيث أصبحت هي الأساس الفكري الأهم لحركة الإسلام الجهادي التي طفت على سطح المجتمع ولعبت دورا كبيرا في حياته في سنوات السبعينيات وما بعدها.

silverlite 01-09-2012 10:36 AM

رد: التحايل "الاخوانى"!!
 
عبد الناصر والجماعة من الوفاق إلى الشقاق !

حسن البنا أوصى لـ «جمال» بمنصب المرشد !!

http://www.almasryalyoum.com//sites/...4/229/1_62.jpg




سليمان الحكيم - المصرى اليوم

ظلت العلاقة بين عبدالناصر والإخوان المسلمين تمثل واحداً من أكثر الألغاز إثارة فى تاريخ مصر المعاصر.. ولقد طغت الخصومة - بل العداء - بين الفريقين، حتى أصبحت هى الأغلب على وصف العلاقة بينهما.. رغم ما يُجمع عليه المؤرخون من وجود علاقة ارتباط لعبدالناصر بجماعة الإخوان فى مرحلة مبكرة من تاريخه السياسى.. ولكن أحداً منهم لم يقف طويلاً عند تلك المرحلة فى تاريخ العلاقة بين الطرفين ليكشف لنا أسرارها ويحل ألغازها ليساعدنا على الإجابة عن العديد من الأسئلة المهمة والخطيرة، مما ينعكس بآثاره على المرحلة الحالية فى تاريخنا السياسى.
من هنا كانت محاولتى بحثاً عمن يستطيع الكشف عن أسرار تلك العلاقة بين عبدالناصر والإخوان، حتى عثرت عليه.. إنه المستشار الدمرداش العقالى، الذى كان أحد أبرز أعضاء الجهاز السرى فى تنظيم الإخوان المسلمين.. وزعيم الطلبة الإخوان بالجامعة، فى الوقت الذى كان قد تبلور فيه نشاط الإخوان كحركة سياسية حتى كاد أن ينحصر فى مجال الشباب والطلبة، حتى أصبحت -أو كادت أن تصبح- حركة الإخوان المسلمين «حركة طلابية».. وهو - العقالى - فوق ذلك، يمت بصلة القرابة للزعيم الإخوانى الأشهر - سيد قطب - صاحب أكبر تأثير فكرى وتنظيمى فى جماعة الإخوان، ربما أكبر من مؤسسها حسن البنا نفسه. وقد كان سيد قطب خال زوجة العقالى، كما كانا - العقالى وقطب - صديقين فى مرحلة الطفولة والشباب وذلك لانتمائهما إلى بلدة واحدة هى أسيوط.. هذا فضلاً عن أن العقالى كان قد انخرط فى صفوف الإخوان قبل أن ينضم إليها سيد قطب نفسه.
لهذا كله كان المستشار العقالى فى الموقع الذى يسمح له ليس فقط برؤية الأحداث عن قرب، بل المشاركة فيها بفاعلية وتأثير.
ولعل اعترافاته التى أدلى بها لى فى هذا التحقيق تلقى ببعض الضوء الذى نحتاجه للتأريخ لتلك الفترة الحساسة من حياتنا السياسية. وأرى أنه ينبغى علينا أن نأخذ ما يقوله الرجل فى هذه الاعترافات بما هو جدير به من اهتمام وتفكير، خاصة أنه يفجر الكثير من المفاجآت التى تقلب - بل ربما تعدل - الكثير من الأمور التى ظللنا نتعامل معها كمسلّمات تاريخية.
العقالى: عبدالناصر نبتة «إخوانية»
جميع المصادر التى أرّخت للعلاقة بين عبدالناصر والإخوان المسلمين أكدت وجود تلك العلاقة بينهما، والتى تزيد تعمقاً عند البعض فيصل بها إلى قمة التنظيم، بينما يحاول البعض الآخر تهميشها فيصل بها إلى حد التوافق فى اتجاه الرغبة فى التغيير وليست علاقة تواصل أو تلاحم فى الحركة التنظيمية، والصحيح أن جمال عبدالناصر حسين لم يكن فقط جزءاً من حركة الإخوان المسلمين، من حيث العمل الثورى، بل هو نبتة إخوانية منذ الأساس، ولدىّ على ما أقوله أكثر من دليل.
من مجمل ما كتب تأريخاً لثورة يوليو أن التذمر الذى بدأ يتسرب إلى نفوس الضباط بالجيش المصرى، من جيل عبدالناصر وما قبله أو بعده بقليل، هذا التذمر خرج إلى دائرة النور، بعد أن كان مجرد حالة نفسية على إثر حادث 4 فبراير الشهير، وهو ذلك اليوم الذى حاصرت فيه القوات البريطانية القصر الملكى بالدبابات لتفرض على ملك مصر تعيين النحاس باشا رئيساً للوزراء، بدلاً من حسين سرى.
كان ذلك عام 1942، وهو العام الذى وصل فيه الشارع المصرى إلى قمة التهيؤ للتغيير، وكانت الحالة السياسية فى ذلك الوقت تتأرجح بين ثلاثة عوامل للتغيير، وثلاثة أخرى للتثبيت، فالملك والاحتلال والإقطاع هى العوامل التى كانت تدعو لتثبيت الأوضاع على ما كانت عليه، وقد كانت تلك العوامل الثلاثة متحالفة فى رغبتها تجاه الإبقاء على الحالة السياسية السائدة.
للتاريخ كانت أكثر الحركات نشاطاً فى ذلك الوقت حركة الإخوان المسلمين، والوثائق التى تؤرخ لتلك الفترة تؤكد أن الإخوان كانوا قد وصلوا فى حركتهم إلى أطر جديدة، فقد كانت أول حركة وطنية تستقطب فى أطرها الأجيال المختلفة، ولا تقتصر على «جيل الآباء» وحده، بعد أن كانت الأحزاب القديمة كلها تتعامل مع ذلك الجيل.
ولكن جاءت حركة الإخوان المسلمين لتتواصل مع الشباب الذين استقطبتهم فى حركة أطلقوا عليها اسم «الجوالة» ينتظم فيها الأبناء من سن عشر سنوات وحتى السادسة عشرة، وحركة أخرى اسمها «الإخوان العاملين» ينتظم فيها الأعضاء بين سن السادسة عشرة والأربعين، ثم حركة «الإخوان المنتسبين» التى تضم الشيوخ فوق سن الأربعين.
ومعروف أن حسن البنا، المرشد العام للإخوان المسلمين ومؤسس الحركة، كان قد استطاع فى عام 1938 أن يشكل نواة «الجهاز الخاص» أو ما سمى على ألسنة بعض خصوم الإخوان بـ«التنظيم السرى»، وكان حسن البنا يعنى بـ«الخصوصية» التى أطلقها وصفاً للتنظيم الجديد أن يستخلص مجموعة من الشباب تعطى ولاءها للدعوة، وقدرتها على العطاء دون انتظار للأخذ، فى الحقل الذى توجههم فيه قيادة الحركة، سواء أكان سلمياً أم عسكرياً.
إن حركة بهذه القدرة، على مستوى الأجيال استوعبت الصغير والكبير، وعلى مستوى الحركة استوعبت السرى والعلنى، وعلى مستوى العمل استوعبت السلمى والعسكرى، كانت هى الحركة الفاعلة وبالتالى فإنه عندما أحس الضباط المصريون بالرغبة فى التغيير عام 1942، كان منطقياً أن ينصرفوا بأذهانهم إلى أكثر الحركات قدرة على معاونتهم لإحداث التغيير. ولهذا فإنه من الثابت أن اليوزباشى جمال عبدالناصر حسين قد انخرط فى صفوف الإخوان المسلمين عام 1942 مشكلاً مع عبدالمنعم عبدالرؤوف وأبوالمكارم عبدالحى ومحمود لبيب الجهاز الخاص للإخوان المسلمين فى الجيش.
ولم يكن اسم الضباط الأحرار قد ظهر بعد، فكان هذا التشكيل السرى فى الجيش الذى انخرط فيه عبدالناصر مجرد فرع لـ«الجهاز الخاص» الذى أسسه حسن البنا عام 1938 برئاسة عبدالرحمن السندى الذى كان لا يزال فى ذلك العام طالباً بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، أو جامعة القاهرة كما تسمى الآن، وقد بايع «جمال عبدالناصر» حسن البنا المرشد العام للحركة بنفس الطريقة التى بايعه بها أى عضو آخر فى التنظيم أو الحركة، وأصبح جمال عبدالناصر منذ ذلك الوقت من عام 1942 عضواً عاملاً فى جماعة الإخوان المسلمين.وقد عمل عبدالناصر فى السودان
فى الوقت الذى وضحت فيه نوايا الإنجليز لفصل السودان عن مصر، مما ترك أثراً سيئاً فى نفوس الشباب من الضباط المصريين، وكان عبدالناصر واحداً منهم، وكان لهذا المناخ المتوتر فى السودان أثره فى زيادة الوعى السياسى عند جمال عبدالناصر، كما وسع من دائرة اهتماماته بما يحدث فى السودان أو أى بقعة أخرى من محيط مصر العربى والإسلامى، وكان الحس الوطنى والقومى فى السودان - وربما لا يزال - مصبوغاً بالعاطفة الدينية، فمنذ ثورة المهدى وحركة الميرغنى والسودانيون يشتغلون بالسياسة فى إطار دينى. ولا شك فى أن الفترة التى أمضاها عبدالناصر فى السودان زادت من يقينه بأنه لا خلاص لوادى النيل من الاحتلال والتخلف إلا من خلال الدين، فكان طبيعياً أن يزيد ذلك من ارتباطه بحركة الإخوان المسلمين.
تحول دراماتيكى
وقد ظلت حركة الإخوان المسلمين بقيادة حسن البنا وعبدالرحمن السندى فى القطاع المدنى وجمال عبدالناصر فى القطاع العسكرى، تعمل لتغيير الأوضاع فى مصر والاستيلاء على السلطة، كما كان مقدراً لها فى عام 1955، فقد قدرت قيادة الإخوان أنه فى هذا العام يكون قد توافر لها من الإمكانات المادية والبشرية والحركية ما يمكنها من الاستيلاء على السلطة فى مصر.
ولكن ما الذى حدث حتى تغيرت الأحوال والأوضاع، وبالتالى تغيرت الأوراق والترتيبات؟.. إنها قضية فلسطين التى تفجرت على نحو دراماتيكى لم يكن فى حسبان أحد من قادة الإخوان وهم يخططون للأحداث فى مصر، فقد جاء عام 47 الذى صدر فيه قرار تقسيم فلسطين من هيئة الأمم المتحدة بمثابة التحدى لـ«الأستاذ» حسن البنا، الذى كان يدرب كوادره فى الجوالة والجهاز الخاص ليعمل بهم على تغيير الواقع على أرض مصر كما كان مقدراً فى عام 1955، فأصبح يتعين عليه الآن الانتقال إلى أرض فلسطين لمواجهة معركة لم تكن محسوبة.
ومن هنا غيّر حسن البنا تكتيكاته مضطراً، وبدا مقتنعاً بأن بداية التغيير الحقيقى ليست فى مصر فقط، بل فى العالم العربى كله، هى الآن على أرض فلسطين التى يجب أن يخوض معركته فيها مع اليهود بالمتطوعين.
بدأ حسن البنا يجوب القرى المصرية وفى صحبته الحاج أمين الحسينى ليحث الناس على الجهاد دفاعاً عن أرض فلسطين، وقد رأيت- وكنت حينئذ عضواً بالجهاز الخاص بحركة الإخوان المسلمين رغم أنى لم أكن قد تجاوزت بعد السابعة عشرة من عمرى- كيف كان الرجال فى قرية تسمى «أبوخرس» بصعيد مصر يدخلون إلى بيوتهم ليأتوا بزوجاتهم ليتبرعن بمصاغهن للحسينى والبنا مشاركة منهن فى الجهاد على أرض فلسطين.
مَنْ الخائن؟
وقد سافرت أول مجموعة من المتطوعين من الإخوان المسلمين إلى أرض فلسطين عقب قرار التقسيم مباشرة، فى يناير عام 1948، وبدأت فى اتخاذ مواقعها حول «الكيبوتزات» اليهودية فى جبال فلسطين.. وقد شرع المتطوعون المسلمون فى القتال المتلاحم مع المستوطنين اليهود فى المستعمرات الإسرائيلية فور وصولهم إلى هناك. وبدأوا فعلاً فى تحرير بعض المواقع المهمة ومنها «تبة اليمن» التى غيروا اسمها إلى «تبة الإخوان المسلمين».
حينئذ بدأت القوى الاستعمارية فى التخطيط لدخول القوات العربية النظامية إلى ميدان المعركة بقيادة الملك عبدالله صنيع الإنجليز، وكان دخول القوات العربية فى 15 مايو 1948 مؤامرة على المتطوعين المسلمين وليس معاونة لهم.. فحين جمع فاروق مستشاريه ليبحث معهم ما يجب أن يفعله إزاء قضية فلسطين، قال له أولئك المستشارون إن التيار الشعبى المصرى تجاه قضية فلسطين أقوى من أن يقاوم، ولكن يمكن استيعابه وإجهاضه، بأن تكون أنت- يا جلالة الملك- صاحب الجيش الذى يدخل فلسطين مقاتلاً، فلا يزايد عليك الإخوان المسلمون، ولا يكسبون على حسابك ورقة يمكن أن تكسبها أنت، فقرر فاروق دخول القوات المصرية إلى فلسطين، حينئذ أدرك حسن البنا- وكان رجلاً أريباً محنكاً- أن النظام العالمى القائم فى ذلك الوقت يسعى لكسر النفسية العربية وإصابتها باليأس والإحباط بهزيمة سبعة جيوش عربية أمام بعض العصابات الصهيونية. ولهذا أصدر حسن البنا أوامره بسحب قواته من المتطوعين بفلسطين وعدم الاستمرار فى إرسال قوات أخرى إلى هناك.
وقد كان لهذا القرار الذى أصدره المرشد العام أثر الدوى فى قواعد الإخوان، حتى إن البعض منهم قد اتهمه بالخيانة، ويقول العقالى: كنا نتدرب فى بعض المعسكرات بأسيوط استعداداً للسفر إلى أرض المعركة فى فلسطين حين جاءنا القرار بوقف التدريب وإخلاء المعسكرات من المتطوعين.
وبعد أن استوعب حسن البنا كل المهاجمين وحركة التمرد فى صفوف الإخوان، عقد كتيبة ليلية لأعضاء الجهاز الخاص ليقول لهم: العمل هنا فى مصر وليس فى فلسطين، وإن الطريق إلى القدس لابد أن يمر عبر القاهرة، وما يحدث الآن فى فلسطين إنما هو مؤامرة لتسليمها إلى اليهود بأسلوب يحبط الإرادة العربية والإسلامية لعدة أجيال قادمة. وقال كلمته الشهيرة: كنا نعمل على تنظيف سلم الحياة فى مصر- بالتربية- من أسفل إلى أعلى، فأبى النظام إلا أن يقنعنا بأن السلم لا ينظف إلا من أعلى إلى أسفل..!
الزعيم عبدالناصر
وقد تنبه المعسكر الغربى إلى خطورة الإخوان على مخططاتهم فى المنطقة العربية، فقرروا الإسراع بالتصدى للحركة وإجهاضها قبل أن يستفحل أمرها، فتصبح عصية على التصفية والضرب.. وقد اجتمع سفراء إنجلترا وفرنسا وتركيا، وكانت عضواً ضالعاً فى التحالف الغربى ومشاركاً فى حرب كوريا، وقرروا العمل على حل جماعة الإخوان المسلمين.. فصدر قرار بحل الحركة فى 8/12/1948، واعتقل جميع قيادة الإخوان ما عدا حسن البنا المرشد العام للحركة ورأسها المدبر، وحينئذ أيقن الرجل أنه استبقى ليصفى، لأنه لا معنى لأن يعتقل جميع قيادات الإخوان وهم دونه إلا أن يكون ذلك لأمر يدبر له خاصة.. فأعد وصيته وذهب بها ليسلمها إلى صالح حرب باشا فى جمعية الشبان المسلمين فى الليلة التى قتل فيها، وهى الليلة الوحيدة التى خرج فيها من بيته منذ أن أحس بأنه مستهدف من قبل الملك وأعوانه.
المرشد العام
وقد كتب البنا موصياً بأن يكون المسؤول عن جماعة الإخوان المسلمين فى حالة اغتياله أو غيابه هو عبدالرحمن السندى رئيس الجهاز الخاص أو «التنظيم السرى» للإخوان المسلمين، وإذا لم يكن السندى موجوداً يصبح جمال عبدالناصر حسين هو المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.
وبعد اغتيال حسن البنا بأيام معدودة ضبط عبدالرحمن السندى فى القضية المشهورة باسم «سيارة الجيب»، التى كانت تحمل الوثائق الخاصة بالأسماء الحركية لجميع أعضاء الجهاز الخاص أو التنظيم السرى لحركة الإخوان المسلمين، وقد ضبطت السيارة الجيب التى كان يستقلها بعض أفراد التنظيم بالصدفة البحتة أمام قسم الوايلى بالعباسية، وعلى إثر ذلك ألقى القبض على عبدالرحمن السندى قائد التنظيم السرى وأودع السجن على ذمة القضية، فلم يبق لقيادة الحركة غير جمال عبدالناصر.
من الورشة إلى المعرض
لم يكن عبدالرحمن السندى حتى ذلك الوقت من الوجوه المعروفة، فقد أبقاه حسن البنا تحت الأرض، منذ أن أسند إليه قيادة التنظيم السرى عام 1938، وقال السندى بعد قيام الثورة إن حسن البنا قال له حين اختاره لهذه المهمة السرية الخطيرة: إن الجهاز الخاص هو «الورشة» التى نعد فيها قادة التغيير، أما مكتب الإرشاد والمركز العام والهيئة التأسيسية وحديث الثلاثاء فكلها بمثابة «المعرض»، الذى نعرض فيه بضاعتنا، والصانع الجيد لا يجعل مرتادى المعرض أو زواره يرون ما يحدث فى «الورشة»، فالورشة تصنع فى صمت، والمعرض يبيع بغير ضوضاء الورشة.
قد تكون هذه النظرة صائبة على المدى القريب، ولكن على المدى البعيد كان هذا الفصام بين الجهاز السرى والقيادة هو سبب مقتل حركة الإخوان المسلمين، فى غياب حسن البنا، كما سيأتى ذكره فيما بعد.
بعد دخول عبدالرحمن السندى السجن انصرفت الأنظار إلى جمال عبدالناصر حسين ليقود الإخوان المسلمين، كما جاء فى وصية المرشد العام، وهو يستعد للرحيل قتلاً.. وكان عبدالناصر فى ذلك الوقت لايزال محاصراً فى «الفالوجا» فانتظره صالح حرب ليبلغه بوصية المرشد العام قبل اغتياله، وقد حضر جمال عبدالناصر ومعه الصاغ محمود لبيب الذى كان قد أقنع عبدالناصر بالدخول فى حركة الإخوان المسلمين عام 1942.
عجلوا بالحركة
وقد جاء فى وصية البنا فضلاً عن اختيار السندى ثم عبدالناصر لقيادة حركة الإخوان بعد وفاته مناشدة قيادة الإخوان الجديدة أن تسارع بالتغيير وقلب نظام الحكم فى موعد أقرب من عام 1955، الذى كان قد تم الاتفاق عليه موعداً للثورة، فقد أصبحنا «فى سباق مع الزمن».
ولعله من الثابت الآن أن إبراهيم عبدالهادى، رئيس وزراء مصر بعد محمود النقراشى الذى اغتاله الإخوان المسلمون فى أعقاب قراره بحل جماعتهم، كان قد استدعى جمال عبدالناصر ليسأله عن علاقته بالإخوان المسلمين، وقد أنكر جمال عبدالناصر -بطبيعة الحال- أى صلة له بالجماعة المنحلة، بينما كان يحتفظ فى جيب سترته العسكرية بوصية حسن البنا وورقة أخرى تتضمن بعض أسماء المدنيين الذين رشحهم له حسن البنا للاتصال بهم عند قيام الثورة، ومن بين تلك الأسماء جاء اسم عبدالعزيز على، الذى كان رغم انتمائه الظاهر للحزب الوطنى القديم فإنه كان على علاقة حميمة جداً بالأستاذ حسن البنا، وقد اتهم عبدالعزيز على مع الإخوان المسلمين مرتين، نظراً لتلك الصلة الوثيقة التى كانت تربطه بهم، وقد اختاره جمال عبدالناصر وزيراً فى أول وزارة يشكلها بعد قيام الثورة.
نظرة ثاقبة
كان عبدالناصر أثناء مشاركته فى حرب فلسطين قد اكتشف عدداً من الحركات السرية التى يموج بها الجيش المصرى.. ولم تكن أى منها تعلم بحقيقة الحركات الأخرى أو اتجاهاتها أو أعضائها، ولكن جمال عبدالناصر الذى كان قائداً متميزاً، علم بوجود تنظيم شيوعى فى الجيش يقوده يوسف صديق، وتنظيم وطنى آخر يقوده الضابط أحمد شوقى، بالإضافة إلى عدد آخر من التنظيمات السرية التى كان يعج بها الجيش فى تلك المرحلة، التى سادها القلق والترقب قبل قيام الثورة.
وبعد عودته إلى مصر من حرب فلسطين، وعلمه بما جاء فى وصية حسن البنا من أنه يرشحه لتولى المسؤولية فى حركة الإخوان المسلمين بعد غيابه هو وعبدالرحمن السندى، كان عليه أن يجتمع بالضابطين الآخرين اللذين حضرا معه البيعة لحسن البنا، ليشاورهما فى الأمر، وهما عبدالمنعم عبدالرؤوف وأبوالمكارم عبدالحى، وأطلعهما على ما جاء فى الوصية، خاصة ما جاء فيها متعلقاً بضرورة الإسراع للقيام بحركة التغيير، وقال لهما جمال عبدالناصر يومها إنه لا سبيل أمامهم للإسراع بحركة التغيير إلا بالتلاحم مع الحركات السرية الأخرى داخل صفوف الجيش، فالمهمة أثقل من أن يتحملها تنظيم واحد وهى أكبر من قدرة أى تنظيم على حدة، بينما لو استطاعوا التوحد والاندماج فى التنظيمات الأخرى أمكنهم
القيام بالمهمة بنجاح وعلى وجه السرعة، على أن يكون زمام الأمور بأيدينا.
وقد وافق أبوالمكارم عبدالحى على ما قاله عبدالناصر، أما عبدالمنعم عبدالرؤوف فقد رفض ذلك قائلاً إنه لا يمكن أن يضع يده إلا فى أيد «متوضئة»، وأنه أقسم يمين الولاء للعمل على المصحف، وأنه لا يمكن الوصول إلى الغاية النبيلة إلا بالوسيلة النبيلة.. وبالتالى فإنه لن يضع يده فى أيد الشيوعيين أو غيرهم ممن لا ينتمون إلى الإخوان المسلمين.
حاول عبدالناصر جاهداً إقناع عبدالمنعم عبدالرؤوف بوجهة نظره ولكنه حين فشل فى ذلك قال له: «إذا اعتزلتنا فلا تكن ضدنا.. وإذا عملنا عملاً واحتجناك فيه فساعدنا. فوعده بذلك، وافترقوا على هذا الوعد والاتفاق.
وعلى إثر ذلك شرع عبدالناصر فى بناء تنظيم الضباط الأحرار، الذى كان يضم فى الواقع أكثر من تنظيم سرى، وأكثر من اتجاه سياسى وعقائدى، وكان ذلك فى عام 1949، وهو التاريخ الصحيح لبداية تنظيم الضباط الأحرار.
أما قبل هذا التاريخ فلم يكن هناك تنظيم اسمه الضباط الأحرار، بل كان عدد من التنظيمات السرية الصغيرة التى يجهل كل منها حقيقة الآخرين، وقد اندمجت جميعها فى تنظيم واحد، هو الذى عرف تاريخياً باسم تنظيم «الضباط الأحرار» وهو- كما نرى- اسم محايد يتسع لمختلف الاتجاهات والميول السياسية والعقائدية، ففيه الإخوانى وفيه الماركسى، وفيه الآخرون من غير المنتمين لأى من الاتجاهات السياسية المطروحة فى ذلك الوقت، وإن كان شغلهم الأول هو قضية الوطن.

silverlite 01-09-2012 10:57 AM

رد: التحايل "الاخوانى"!!
 
عبد الناصر والجماعة من الوفاق إلى الشقاق (2)


الملك فاروق يعيد الجماعة إلى الشارع ليضرب بها حزب الوفد

http://www.almasryalyoum.com//sites/...hfyyn_ljnb.jpg


اعترافات : المستشار الدمرداش العقالى
سجَّلها بقلمه : سليمان الحكيم


قبل أن تقرأ..
ظلت العلاقة بين عبدالناصر والإخوان المسلمين تمثل واحداً من أكثر الألغاز إثارة فى تاريخ مصر المعاصر.. ولقد طغت الخصومة - بل العداء - بين الفريقين، حتى أصبحت هى الأغلب على وصف العلاقة بينهما.. رغم ما يُجمع عليه المؤرخون من وجود علاقة ارتباط لعبدالناصر بجماعة الإخوان فى مرحلة مبكرة من تاريخه السياسى.. ولكن أحداً منهم لم يقف طويلاً عند تلك المرحلة فى تاريخ العلاقة بين الطرفين ليكشف لنا أسرارها ويحل ألغازها ليساعدنا على الإجابة عن العديد من الأسئلة المهمة والخطيرة، مما ينعكس بآثاره على المرحلة الحالية فى تاريخنا السياسى.
من هنا كانت محاولتى بحثاً عمن يستطيع الكشف عن أسرار تلك العلاقة بين عبدالناصر والإخوان، حتى عثرت عليه.. إنه المستشار الدمرداش العقالى، الذى كان أحد أبرز أعضاء الجهاز السرى فى تنظيم الإخوان المسلمين.. وزعيم الطلبة الإخوان بالجامعة، فى الوقت الذى كان قد تبلور فيه نشاط الإخوان كحركة سياسية حتى كاد أن ينحصر فى مجال الشباب والطلبة، حتى أصبحت -أو كادت أن تصبح- حركة الإخوان المسلمين «حركة طلابية».. وهو - العقالى - فوق ذلك، يمت بصلة القرابة للزعيم الإخوانى الأشهر - سيد قطب - صاحب أكبر تأثير فكرى وتنظيمى فى جماعة الإخوان، ربما أكبر من مؤسسها حسن البنا نفسه. وقد كان سيد قطب خال زوجة العقالى، كما كانا - العقالى وقطب - صديقين فى مرحلة الطفولة والشباب وذلك لانتمائهما إلى بلدة واحدة هى أسيوط.. هذا فضلاً عن أن العقالى كان قد انخرط فى صفوف الإخوان قبل أن ينضم إليها سيد قطب نفسه.
لهذا كله كان المستشار العقالى فى الموقع الذى يسمح له ليس فقط برؤية الأحداث عن قرب، بل المشاركة فيها بفاعلية وتأثير.
ولعل اعترافاته التى أدلى بها لى فى هذا التحقيق تلقى ببعض الضوء الذى نحتاجه للتأريخ لتلك الفترة الحساسة من حياتنا السياسية. وأرى أنه ينبغى علينا أن نأخذ ما يقوله الرجل فى هذه الاعترافات بما هو جدير به من اهتمام وتفكير، خاصة أنه يفجر الكثير من المفاجآت التى تقلب - بل ربما تعدل - الكثير من الأمور التى ظللنا نتعامل معها كمسلّمات تاريخية.
الدمرداش: الورشة السرية رفضت الهضيبى
متى بدأ تنظيم الضباط الأحرار وما هو تاريخ ميلاده الصحيح؟
لقد حاول الكثيرون الإجابة عن هذا السؤال، فقال بعضهم إنه ولد فى أعقاب حادث 4 فبراير الشهير وكرد فعل مباشر له، وقال آخرون إنه بدأ فى أعقاب نكبة 1948 وكنتيجة حتمية لها.
أما المستشار الدمرداش العقالى، فيؤكد أن تنظيم الضباط الأحرار ولد عام 1949، أى قبل قيام الثورة بثلاث سنوات تقريباً، وأنه ولد على يد جمال عبدالناصر الابن الشرعى لتنظيم الإخوان المسلمين، وتنفيذاً لوصية المرشد العام حسن البنا له ولكل قيادات التنظيم بضرورة الإسراع بقيام الثورة التى قدر البنا عام 1955 موعداً لقيامها.
كما يؤكد الدمرداش العقالى أن جمال عبدالناصر الذى آلت إليه قيادة الإخوان المسلمين بعد مقتل حسن البنا ودخول عبدالرحمن السندى المعتقل، هو عبدالناصر الذى شرع فى تشكيل تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش، مؤلفاً من عدة تنظيمات وخلايا سرية أخرى، بالإضافة إلى الضباط الذين كان يضمهم تنظيم الإخوان المسلمين، وذلك لأن جمال عبدالناصر- كما يؤكد المستشار العقالى- كان مقتنعاً بأن الثورة التى يخطط للقيام بها أكبر من أن يضطلع بها تنظيم واحد مهما بلغت قوته، وأن مهمة التغيير التى يسعى إليها أخطر من قدرة أى تنظيم على حدة.
ولكن عبدالمنعم عبدالرؤوف، أحد زملاء عبدالناصر فى تنظيم الإخوان المسلمين، رفض فكرة عبدالناصر بضرورة التوسع فى التنظيم الثورى، وفتح أبوابه أمام عناصر أخرى من غير المؤمنين بفكرة «الحل الإسلامى» على طريقة الإخوان المسلمين.. فماذا كان موقف عبدالناصر إزاء هذا الرفض؟
يقول المستشار الدمرداش العقالى:
- طلب جمال عبدالناصر من زميله عبدالرؤوف ألا يكون ضدهم فى تنفيذ فكرتهم بضم عناصر أخرى إلى التنظيم الثورى من ذوى الميول السياسية الأخرى كالماركسيين أو غيرهم، ثم إذا جد الجد وقامت الثورة ورأت قيادتها دعوة عبدالمنعم عبدالرؤوف للمشاركة فيها، فلا يمانع، وقد وافق عبدالمنعم على شروط عبدالناصر، وقرر اعتزال التنظيم الجديد «الضباط الأحرار» مفضلاً الترقب من بعيد.
بين الوفد والإخوان
فى يوم 3 يناير 1950 أجريت الانتخابات البرلمانية فى مصر، وهى آخر انتخابات أجريت فى عهد فاروق، وقد نجح فيها حزب الوفد نجاحاً ساحقاً، بعد أن حصل على 87٪ من عدد المقاعد التى جرت الانتخابات عليها، وقد أثارت هذه الأغلبية الكاسحة الرعب فى نفس فاروق، الذى كان عداؤه الشديد للوفد أمراً لا يقوى على إخفائه.. فجمع مجلس البلاط الذى كان فاروق يستشيره فى أموره الخاصة حين تشتد به الأزمات، وكان مجلس بلاطه مكوناً من ناظر الخاصة الملكية محمد نجيب سالم باشا، ومحمد العشماوى باشا، وزير المعارف الأسبق، وهو معلم فاروق، الذى أشرف على تعليمه حين كان يتلقاه فى مدارس لندن وجامعاتها، أما الثالث فهو رجل الدين البارز محمد عبداللطيف دراز، وكان وكيلاً للأزهر، كما كان قطباً من أقطاب الحزب «السعدى» المناوئ لحزب الوفد.. هذا الثالوث هو الذى كان سبباً فى نكبة مصر فى ذلك الوقت.. كيف؟
حيث اشتكى لهم الملك مخاوفه من مجىء الوفد إلى الحكم، فاقترح عليه محمد عبداللطيف دراز والعشماوى ونجيب سالم أن يعيد الإخوان المسلمين إلى الساحة ليحدث التوازن مع الوفد، وبهذا نرى أن عملية التوازن فى الشارع السياسى بين شد وجذب، وهى التى لجأ إليها السادات فى آخر أيامه، كان فاروق قد سبقه إليها حين أعاد الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسية، ليوازن بهم الوفد بعد نجاحه فى آخر انتخابات برلمانية أجريت فى عهده.
الباقورى والإخوان
قلنا إن مجلس البلاط الملكى اقترح على فاروق إعادة الإخوان ليسحبوا الشعبية من حزب الوفد، لأنهم، كما أكدوا له، الوحيدون القادرون على ذلك، بما لهم من شعبية كاسحة تعادل إن لم تزد على شعبية الوفد.
اندهش فاروق لدى سماعه اقتراح مجلس البلاط بإعادة الإخوان والسماح لهم بالعمل، خاصة أن فاروق هو الذى كان قد دبر وأمر باغتيال حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين، ومن هنا كانت دهشته وهو يستمع لاقتراح مجلس البلاط، فقد استبعد فاروق أن يؤازره الإخوان، وهو قاتل مرشدهم، فى موقفه ضد حزب الوفد، ولكن مجلس بلاطه أكد له أن جماعة الإخوان قد ربيت على السمع والطاعة للمرشد العام لجماعتها، فإذا نجحوا فى تعيين مرشد جديد للإخوان المسلمين يدين بالولاء للملك، فإنهم يكونون بذلك قد نجحوا فى استيعاد الإخوان المسلمين والاتجاه بحركتهم إلى صف الملك.
انبرى الشيخ عبداللطيف دراز، وكيل الأزهر مستشار الملك، عضو مجلس البلاط قائلاً: إنه لديه المرشد الذى يدين لجلالة الملك بالولاء الشديد، وحين سأله عن اسم المرشح لزعامة الإخوان قال له دراز: إنه الشيخ أحمد حسن الباقورى!
كان الباقورى زوج ابنة عبداللطيف دراز وهو وكيل المرشد العام السابق المرحوم حسن البنا، أى أنه يقف بإحدى قدميه فى الإخوان المسلمين وبالأخرى فى البلاط الملكى!
وبالرغم من أن الباقورى كان وكيلاً للمرشد العام، حسن البنا، فإنه لم يكن يعلم شيئاً عن الأمور الخاصة للتنظيم، وأهمها التنظيم الخاص أو الجهاز السرى، فالباقورى كان وكيلاً لصاحب «المعرض» أما «الورشة»- أو الجهاز الخاص- والتى تكمن فيها القوة الحقيقية للإخوان المسلمين فلم يكن للباقورى أى علم بما يدور فيها، ومن هنا كان الشيخ الباقورى شديد النقمة على المرشد العام حسن البنا، لأنه أخفى عنه «جبل الثلج» الذى لم يكن الباقورى يرى منه غير قمته الطافية فوق السطح فقط، أما قاعدته الكبيرة التى يرتكز عليها فى قاع المحيط، فلم يكن البنا يسمح لأحد غيره بالاقتراب منها والاطلاع عليها.
وحين اكتشف الباقورى وجود هذا التنظيم الخاص وأدرك حجم قوته، استشاط غضباً من حسن البنا، حين استشعر أن البنا كان يستغله أو لا يمنحه الثقة التى كان يرى أنه جدير بها كوكيل له.
وكان الشيخ عبداللطيف دراز- ولا شك- يعلم بالمشاعر غير الودية التى كان يكنها الشيخ الباقورى لحسن البنا نتيجة لذلك، ومن هنا كان يرى أن اختياره للباقورى، ليحل محل البنا فى زعامة الإخوان هو الاختيار الموفق، الذى يضمن به تحويل الإخوان المسلمين إلى جماعة مؤيدة ومستأنسة، على خلاف ما كانت عليه فى عهد زعيمها السابق حسن البنا.
لم يكن الباقورى من القيادات الإخوانية التى شملتها عملية الاعتقال الأخيرة، وحين استدعاه الشيخ دراز ليعرض عليه زعامة الإخوان طلب الباقورى مهلة من الوقت يستكشف خلالها رأى مكتب الإرشاد فى أمر ترشيحه زعمياً للإخوان.
وكان مكتب الإرشاد مكوناً من عدد من أقطاب الإخوان منهم الشيخ الغزالى-رحمه الله- وعبدالرحمن البنا شقيق حسن البنا، وصالح عشماوى، وكان هؤلاء الثلاثة أبرز الأعضاء فى مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، وكانوا جميعهم معتقلين فى معتقل «الهايكستب» شرق القاهرة.
وحين ذهب إليهم الباقورى ليسألهم رأيهم فى تعيينه مرشداً عاماً للإخوان، خاصة أنه وكيل المرشد العام، قال له الغزالى: إننا لا نستطيع أن نأكل عيش السراى!
ومعروف أن «عيش السراى» هو نوع من الحلويات، وقد أرادها الغزالى كناية واضحة عن علاقة الباقورى بالسراى أو الملك فاروق!
وقد فهم الباقورى ما كان يرمى إليه الشيخ الغزالى من وراء عبارته، وأيقن أنه لا قبل له بمعاداة مكتب الإرشاد أو «رجال المعرض» حتى لا يفقدهم، خاصة أنه فاقد فعلاً «لرجال الورشة» التى لا يعلم عنها شيئاً.
لهذا رأى الباقورى أنه ليس من مصلحته أن يفعل شيئاً ينتقل به إلى صفوف الأعداء فى مواجهة الإخوان المسلمين. فذهب إلى الشيخ دراز ليقول له إنه لا يستطيع أن يرأس الإخوان على غير رغبة من رجال مكتب الإرشاد، ولكنه قدم بدلاً منه رجلاً آخر ليقوم بهذه المهمة «وهو لا يقل عنى ولاء» لجلالة الملك، كما قال الباقورى.
الهضيبى رجل الملك
وكان المرشح الجديد هو المستشار حسن الهضيبى، الذى لم يكن عضواً فى جماعة الإخوان حتى ذلك الوقت، وإنما كانت تربطه علاقة طيبة بمرشدها العام المرحوم حسن البنا.
وكان مأمون الهضيبى، المتحدث الرسمى باسم الإخوان الآن، وابن حسن الهضيبى، متزوجاً بابنة محمد نجيب باشا سالم ناظر الخاصة الملكية، أى أن لهم قدماً فى البلاط الملكى، وتبقى الأخرى طليقة انتظاراً لوضعها على أرض الإخوان المسلمين!
حين سمع محمد نجيب باشا سالم بترشيح الباقورى للمستشار حسن الهضيبى ليكون مرشداً عاماً للإخوان المسلمين، قال نجيب باشا إن الهضيبى ليس موالياً فقط للملك فاروق، بل كان موالياً أيضاً لأبيه الملك فؤاد الذى يدين له الهضيبى بتعيينه قاضياً بعد أن كان محامياً.
حينما جرت الانتخابات البرلمانية عام 1924- فى عهد الملك فؤاد- نجح فيها عدد كبير من القضاة، فانتقلوا نواباً بمجلس النواب، وخلت بذلك أماكنهم فى السلك القضائى، فأراد سعد زغلول، زعيم حزب الوفد، رئيس الحكومة فى ذلك الوقت، أن يعين عدداً من القضاة، بدلاً من القضاة الذين نجحوا كنواب فى البرلمان، ولكن الملك فؤاد رأى أن تعيين القضاة حق له وحده، بصفته رئيساً للسلطات الثلاث، بما فيها السلطة القضائية، وحدثت أزمة بين فؤاد وسعد زغلول، حين رأى كل منهما أن له الحق فى تعيين القضاة، وبتدخل الوسطاء من أهل الخير تنازل سعد زغلول للملك فؤاد. فأصدر فؤاد مرسوماً ملكياً بتعيين عدد من المحامين كقضاة بعدد الذين خلت دوائرهم، وكان حسن الهضيبى واحداً من هؤلاء، الذين شملهم المرسوم الملكى لفؤاد، فأصبح قاضياً بأمر من الملك فؤاد بعد أن كان محامياً، ولهذا ظل الهضيبى يدين بالولاء للملك فؤاد حتى وفاته، ثم أصبح ولاؤه لابنه الملك فاروق من بعده.
المؤامرة المحبوكة
وبعد أن حكى نجيب باشا ناظر الخاصة الملكية هذه القصة عن صهره حسن الهضيبى، استحسن الملك فاروق الاقتراح بترشيحه زعيماً جديداً للإخوان المسلمين، ورأى أنه الشخص المناسب الذى يمكن أن يقود قاطرة الإخوان ليقف بها فى محطة القصر الملكى..!
بعد أن لقى المستشار حسن الهضيبى الموافقة المطلوبة، تكفل الشيخ أحمد حسن الباقورى بترويجه فى سوق الإخوان المسلمين غير المعتقلين، فكان الباقورى يأتى إلى الإخوان المسلمين من كبار السن فيقول لهم إن حوادث القتل والإرهاب أحدثت فزعاً فى نفوس المواطنين وأوجدت الخوف والرعب لدى الناس من الإخوان المسلمين، وأصبح لزاماً علينا الآن أن نختار قيادة مسالمة ذكية وقورة، إلى آخر الصفات التى يمكن أن تنطبق على حسن الهضيبى، الذى كان الباقورى يطرح اسمه، بعد أن يجد الموافقة لدى هؤلاء على فكرته.
أما آباء المعتقلين من شباب الإخوان فكان الباقورى يأتى إليهم ويقول لهم إن أبناءهم لن يخرجوا من معتقلات الحكومة إلا إذا جاء المستشار حسن الهضيبى زعيماً للإخوان، فهو على علاقة طيبة بالملك والقصر، كما أنه على علاقة طيبة بالإخوان، ولهذا فهو الوحيد الذى يمكنه عقد المصالحة بين الحكومة والإخوان، والتى فى إطارها يمكن أن تفرج الحكومة عن المعتقلين فى السجون من شباب الإخوان.
واستطاع الباقورى، وفقاً لهذا المنطق التصالحى والمصلحى، أن يحصل على موافقة أولئك الآباء الذين كان يضنيهم كثيراً وجود أبنائهم فى المعتقلات، انتظاراً للمصير المجهول.
كذلك طرح الباقورى فى إطار خطته لترويج المستشار حسن الهضيبى فى أوساط الإخوان، فكرة أن وجود رجل قانون مثل المستشار حسن الهضيبى على رأس الإخوان المسلمين، سوف يكون عاملاً مهماً فى إزاحة ما علق فى أذهان الناس من وصف الإخوان بالإرهاب والخروج على القانون، بعد أن أصبح زعيمهم ومفكرهم وقائدهم ورجل قانون مستشاراً فى الهيئة القضائية.
وأخيراً.. نجح الباقورى فى إقناع غالبية الإخوان الذين كانوا قد عانوا الكثير فى المعتقلات من جراء حوادث القتل والعنف، كما عانوا من الإجراءات التعسفية التى قامت بها الحكومة حيالهم بعد تلك الحوادث، فراحت نفوسهم اليائسة والتعبة تبحث لها عن مخرج من هذه الأزمة، التى طال مكوثهم فيها نتيجة للعنف والعنف المضاد بينهم وبين الحكومة.. وأخيراً وجدوا هذا المخرج لهم من أزمتهم الطاحنة فى الفكرة التى كان يروج لها الشيخ الباقورى بدأب وذكاء، وهى تعيين المستشار حسن الهضيبى زعيماً للإخوان المسلمين.
الورشة ترفض
استطاع الشيخ الباقورى أن يعقد البيعة للمستشار الهضيبى، من بعض «رجال المعرض»، أما «رجال الورشة» السريون وهم عصب الإخوان وقوتهم، فقد رفضوا مبايعة الهضيبى أو أى أحد غيره، وقد أصدر زعيمهم عبدالرحمن السندى، من معتقله، تعليماته المشددة إلى أعضاء جهازه الخاص بأن يتجنبوا الدخول فى لعبة اختيار مرشد جديد للإخوان، قبل أن يسمح للجماعة بممارسة نشاطها الشرعى، وكان الهدف من ذلك، كما هو واضح فى رأى عبدالرحمن السندى، ألا يكون المعتقل ورقة للضغط على الإخوان ليقبلوا بالبيعة للمرشد الجديد.
والأكثر من ذلك أن عبدالرحمن السندى أكد لأعضاء جهازه الخاص أن المرشح الجديد حسن الهضيبى ما هو إلا عميل لفاروق.. وقد أكد الهضيبى نفسه هذا المعنى حين قابل فاروق بعد حصوله على مبايعة الإخوان له، وخرج من تلك المقابلة ليصفها للصحفيين بأنها «مقابلة كريمة من ملك كريم».. وقد نشرت جميع الصحف الصادرة فى يناير 1951 هذا التصريح الذى أكد فيه الهضيبى ولاءه للملك فاروق دون مواربة أو تردد.
وقد بكى كثير من أعضاء الجهاز الخاص لدى سماعهم تصريح الهضيبى الذى أثنى فيه على الملك فاروق.. وقالوا: لقد قتل فاروق مرشدنا، ليصطنع لنا مرشداً من عنده..!
ساعة الصفر
لم يشأ الجهاز الخاص وأعضاؤه فى ظل هذه الظروف أن يفجروا الخلاف حتى لا ينكشف أمرهم، وكان الجهاز السرى، حتى ذلك الوقت، مجرد عفريت يسمع الناس عنه ولا يرونه. وظلت قواعده تتداول المعلومة القائلة بأن حسن الهضيبى هو رجل فاروق.. إلى أن جاء موعد قيام الثورة، وكان آخر اجتماع تمهيدى قبل قيام الثورة، عقده جمال عبدالناصر فى بيت عبدالرحمن السندى، قائد التنظيم السرى، أو الجهاز الخاص للإخوان المسلمين، وكان ذلك يوم 17 يوليو 1952.
وكان الاجتماع بعيداً عن أعين الضباط الأحرار، لوضع اللمسات الأخيرة على سيناريو التحرك ليلة الثورة، وما يجب عمله لنجاحها.
بين الثورة.. والحركة
وقد ناقش السندى وعبدالناصر فى هذا الاجتماع كل شىء بالتفصيل، حتى الاسم، وحينما جاء الوقت لمناقشة اسم العملية طرح عبدالناصر اسم «الثورة المباركة»، ولكن السندى خالفه فى ذلك معترضاً، وطلب تسميتها «الحركة المباركة»، لأن الحس الإسلامى لا يستريح لكلمة ثورة، التى لازمت جماعة الخوارج الشهيرة طوال تاريخهم.
الثورة إخوانية
ومن ضمن ما أكده عبدالرحمن السندى فى هذا الاجتماع مع عبدالناصر، هو أن تتسم أول قرارات الحركة المباركة بالانحياز إلى الإخوان المسلمين فى بعض القضايا المعلقة، مثل الإفراج الفورى عن جميع المعتقلين من الإخوان المسلمين، واستثناء المعتقلين الشيوعيين والماركسيين من قرار الإفراج.. والقبض على إبراهيم عبدالهادى، رئيس الوزراء السابق وتقديمه إلى المحاكمة بتهمة التدبير لقتل حسن البنا، المرشد العام للإخوان المسلمين، وفى المقابل يصدر القرار الفورى بالإفراج عن أعضاء الإخوان المتهمين بقتل محمود فهمى النقراشى، رئيس الوزراء الأسبق الذى قتله الإخوان.
وكان من شأن هذه القرارات، كما رأى عبدالرحمن السندى، وصدورها كأول قرارات للحركة الجديدة، أن تشعر الرأى العام فى مصر والعالم بأن الحركة الجديدة تنتمى بشكل واضح إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وفضلاً عن ذلك كله، طلب عبدالرحمن السندى من جمال عبدالناصر فى حال نجاح الثورة وانتقال السلطة إلى يدها، أن يصدر أمر باعتقال حسن الهضيبى، ضمن من سوف تصدر الأوامر باعتقالهم من رؤساء الأحزاب والسياسيين.
ولكن رؤية عبدالناصر لهذا الأمر كانت أكثر نفاذاً من رؤية السندى، حين قال عبدالناصر له معترضاً إن مياهاً كثيرة قد تدفقت فى النهر، وكان عبدالناصر يقصد بذلك تلك الألوف الكثيرة التى انضمت إلى حركة الإخوان إثر حرب فلسطين، ولم يكن لتلك الأعداد الكبيرة أى علاقة أو علم بالجهاز الخاص، ولا ولاء لها إلا للمرشد المعلن، فهى تنتمى «للمعرض» ورئيسه، ولا علاقة لها «بالورشة»، وما يحدث فيها.
وأضاف عبدالناصر توضيحاً لرأيه أن حسن الهضيبى قد نجح فى استقطاب أعداد كبيرة من صفوف الإخوان، الذين انضموا حديثاً إلى الإخوان، خاصة بعد أن رأوا الحكومة تغض الطرف عن نشاطهم المعلن، وأن الهضيبى يستقبل المئات منهم فى المسجد المواجه لبيته فى «الروضة».
وقد رأى عبدالناصر أن القبض على حسن الهضيبى سوف يفسد الانطباع لدى الرأى العام بأن الحركة الثورية الجديدة هى حركة الإخوان المسلمين.. وكان رأى عبدالناصر بذلك هو الأصوب من رأى عبدالرحمن السندى الذى لم يكن يرى فى تلك اللحظة غير تصفية حساباته مع فاروق قاتل الشيخ البنا، وذلك فى شخص حسن الهضيبى.


الساعة الآن 09:13 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
www.MasrMotors.com ™ Copyright ©2008 - 2024
Egyptian Automotive Community
جميع الحقوق محفوظة - مصرموتورز 2008 - 2017